في الطرق جميلا مثل ما هو في الدار هذا كله في غير حارات الإفرنج ، أما هي فإنها على النحو الأروباوي الذي سيأتي شرحه ، ولذلك كانت أنظر ، ونظافة الطرقات متوسطة بحيث أنها ليست بعفنة ولا أنها متقنة النظافة وفي الشتاء يحصل في بعض الطرق التي لم تبلط كثير من الوحل والطين وهذه لم تبق إلا نادرا في المدينة ، وأما في الربظين فهي لا زالت كثيرة وبواسطة المجلس البلدي لا زال يتدارك في تبليطها وتحصيبها وقد تمت الطرق الأكثر مرورا سيما للعجلات ، والطرق خارج الحاضرة ليس منها طرق صناعة سوى طريق بين تونس وحمام الأنف وأخرى إلى باردو ومنوبة وأخرى إلى جهة العونية ، وطريق حديدية إلى حلق الوادي وأخرى إلى الجزائر ويراد مد أخرى إلى الساحل وأخرى إلى ابن زرت ، وأما في الحاضرة فالطرق منقسمة إلى مناهج وهي متسعة أقلها تمر فيه عجلتان متحاذيتان وهي قليلة ، وإلى طرق وهي لا تمر فيها إلا عجلة واحدة وهي أكثر من الأولى ، وكثيرا ما تتعارض فيها العجلات ويوجد بها بعض جهات متسعة لرفع ذلك التعارض وإلى زناقي هي التي لا تمر فيها العجلة بل بعضها لا يمر فيها إلا إنسان واحد ، وأغلب هاته في وسط الحارات. ولا زال المجلس البلدي يوسع في الكل مهما خرب حائط على الطريق إلا أخذ من محله توسعة للطريق ، وأغلب أنواع الطرق غير مستقيم بل فيها تعاريج وانعطافات وتحت الطرق خنادق تجري فيها القذورات والمياه الخارجة من الديار تحت الأرض وأكثرها غير متقن البناء والتسقيف ولذلك يكثر في الشتاء خرابها فتتعطل الطرق عن مرور الحيوانات والعجلات ، وتلك الخنادق تصب في البحيرة التي هي في الجهة الشرقية من الحاضرة هذا.
وأما قصور الوالي وعائلته والوزراء والأعيان فإنها وإن كانت بعضها على نحو ما تقدم وبعضها على النحو الأروباوي لكنها تفوق غيرها في إتقان البناء والكبر وحسن الفرش والتزويق والتزيين وكذلك بساتينهم ، وأما الحوانيت والأسواق فليست بجميلة المنظر لأن أغلب الأسواق ضيق الطريق ومسقف بالخشب الغير المنظم وبعضها مسقف بالآجر وهو أحسن منظرا ، لكن الجميع لا يتأنقون في نظافة الحوانيت وحسن هيئتها ، وأغلبها صغير نحو أربعة أذرع في مثلها وأرضها مرتفعة على أرض الطريق في البناء نحو ذراع ، وبعضها أبوابه من خشب غير منحوت وهي قطع مفرقة يضع صاحبها لوحة حذو أخرى إلى أن يمتلىء عرض الباب فيجعل قفلا على الوسطى من تلك الألواح يمسكها بالعواضد في الفرض التي تدخل منها الألواح ويكون المسك بواسطة حلق صغيرة بعضها في ألواح وبعضها في العتبة بالتخالف في الوضع ويدخل القفل في تلك الحلق ثم يقفل بالمفتاح ، وصورة القفل في الأغلب على الشكل العتيق وهو قضيب من حديد فارغ الوسط به لولب ينجذب ويندفع بواسطة إدارة المفتاح الذي يدخل في فراغ ذلك القضيب ، وهناك في خارج القضيب قوس يدخل في تلك الحلق ويدخل طرفه في ثقب في طرف ذلك القضيب ، ثم يدار المفتاح إلى أن ينجذب اللولب ويدخل في ثقب في طرف القوس الذي أدخل في