ما شاء الله كان
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[تمهيد]
الحمد لله مالك الملك والممالك. خالق النور والظلمة والضلال والهدى إلى أقوم المسالك. سبحانه الخالق الحكيم. المبدع للكون وما فيه من حقير وعظيم. رسم عليه دلائل وحدانيته لتدبر المتبصرين. (وَمِنْ آياتِهِ [خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ] وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) [الروم : ٢٢] والصلاة والسلام الأكملان الأتمان على تاج العالم المصون. ومظهر الكمالات المسرى به إلى المسجد الأقصى والمقام المكنون. سيدنا ومولانا محمد رسول الله. المطهر عنصره الجثماني. والمنزه جوهره الروحاني. من الكدر والاشتباه. وعلى آله الطاهرين. وأصحابه الذين جابوا الأرض في هداية المخلوقين.
أما بعد : فإن الله جلت عظمته اقتضت حكمته الباهرة. أن ربط في هاته الدار الأسباب بالمسببات خفية كانت أو ظاهرة. وأخفى مراده في التكوين. فكان مدار تكاليف الشرع هو اعتبار الأسباب رحمة بالمؤمنين. وتفويض ما وراء ذلك إلى خالق مسبب (١) يجري على مقتضى تقديره في الأزل وما يدرك أسرار حكمته إلا قليل من الكاملين. وكان مما عرض للعبد الحقير. أن بليت بمرض أعيا علاجه أطباء قطرنا الشهير. وأشير عليّ بالسفر لأجل ذلك الغرض. فاستخرت الله تعالى واستشرت الأصدقاء لتحصيل ذلك الحق المفترض. فجبت بحارا وقفارا. ومدنا وأمصارا على حسب ما يسره المقدور. وساعفت الوسائل على الوصول إلى مشاهدته من المعمور. ورأيت بعيني البصر والبصيرة. أمورا عجيبة خطيرة. أحببت نظمها في عجالة حفظا لها من الإهمال. وتطفلا على منح العلماء أولي الكمال.
كل سرّ جاوز الإثنين شاع |
|
كل علم ليس في القرطاس ضاع |
وهي وإن كانت بالنسبة لمعارف الكاملين والفحول. ليست مما يلتفت إليه أو يلاحظ
__________________
(١) في الأصل المسبب والصواب ما أثبتناه.