السير على طريق رأس الرجاء الصالح من أوروبا إلى الهند وتملكوا بعض مراكز في تلك الجهات سنة (٩٠٣ ه و ١٤٩٧ م) ، ثم قلدهم في التجارة غيرهم من الأوروباويين حتى عقدت شركة إنكليزية للتجارة في الهند ، وعينت أولا سفينتين عظيمتين شراعيتين ومحتويتين على قوات دفاعية للخوف مما عساه يطرأ عليها من تجرىء أهل تلك الأقطار الذين كانوا يجهلون تفصيل أحوالهم لبعد المسافة وطول الطريق ، الذي هو رأس الرجاء الصالح وكان هذا في سنة (١٠٥٣ ه و ١٦٤٣ م).
فنفقت التجارة الإنكليزية هناك وكثرت خلطة الإنكليز بالأهالي ، وتعرفوا أحوالهم بما سهل لهم التداخل في سياستهم وتداخلوا فيها ، [وأطلقت] اليد لتلك الجمعية التجارية إلى أن وقعت الحرب بين فرنسا وإنكلترا في سنة (١١٥٩ ه و ١٧٤٦ م) ، فحينئذ ابتدأ النفوذ السياسي وأبطلت الشركة وتسلط الإنكليز على بعض الشطوط الهندية مع النفوذ والوجاهة في غيرها ، حتى أن بنباي أعطيت من الهنود مهر الكاترينة زوجة كارلوا الثاني ملك الإنكليز في عشرة الستين وسبعمائة وألف أي حدود سنة ١١٧٥ ه ، والممالك التي استولت عليها دولة الإنكليز بدون واسطة الشركة التجارية هي الممالك المعروفة بحكومة الخلجان ، ومنها جزيرة سيلان التي هي في الجنوب الغربي من الهند وسكانها نحو (٢٣٧٥٠٠٠) وكذلك جهات الخلجان فالجميع استولت عليها دولة الإنكليز بلا واسطة ، ولهذا كانت إدارتها هناك مخالفة لبقية ممالك الهند ، فلحكومة الخلجان إدارة منفردة تحت حاكم عام له مجلس شورى ومجلس نواب للنظر في مصالحهم وتأليف ما يصلح بهم من القوانين ، وأعضاءه هم كل ذي وظيفة في تلك الحكومة من الأهالي وأعضاء أخر من الإنكليزيين توظفهم الدولة ، ثم الرئيس العام هناك يرجع نظره لوزير المستعمرات لا لوزير الهند ويخاطبه بدون واسطة الحاكم العام في الهند.
وأما بقية الممالك الأخر فقد أخذتها الدولة من الشركة المار ذكرها ولم تزل سلطة الإنكليز تتقدم هناك حتى استولوا على بنغالة في سنة (١٢٧١ ه ـ ١٨٥٧ م) ، وازدادت حينئذ السلطة تقويا ونفوذا وامتدّت في تلك الممالك حتى دخلت في حوزتها جميعها من غير كبر مشقة ، إلى أن حدثت ثورة عامة شديدة هائلة من الأهالي وأوقعوا بالإنكليزيين الذين هناك أشد وقعة في سنة (١٢٧٤ ه ـ ١٨٥٧ م) ، حتى آيس الإنكليز من تلك المملكة وأيقنوا بتقلص ظلهم منها لو لا اغترار الأفغانستان ومعاضدتهم للإنكليز على قهر الهنود ، فقهروهم وقتلوا منهم خلائق لا تحصى ومثلوا بهم شرّ مثلة ، وعادت السلطة الإنكليزية سلطة تامة ولم يحصل للإفغانستان إلا التسلط على سياسته ومملكته بما لم يستقر معه قرار إلى الآن ، ثم أن الإنكليز لقبوا ملكة إنكلترا بإمبراطورة الهند في سنة (١٢٩٣ ه ـ ١٨٧٦ م) وعقدوا له في الهند موكبا حافلا لم يسمع بنظيره ، وحضره كل ملوك الهند الذين تحت ولاية الإنكليز.