رتبته بالنسبة لأقرانه هي العدد الثاني والخمسون.
وهكذا يتقهقر العدد في مدافعهم إلى آخرهم وهم نواب دجانة ، إذ لم يطلق له سوى ستة مدافع. فكانت كثرة الإطلاق باعتبار كبر دولتهم وكثرة إيرادهم واتساع دائرتهم بالحرية والتصرف المطلق ، وأكثر ملوك الهند من الوثنيين. أما المسلمون فلهم خمسة عشر ملكا.
ثم إن الإنكليز استفادوا من هذا الدربار ثلاث فوائد.
إحداها : أنهم جعلوا أهل الهند وملوكها رعية لهم برضاهم واختيارهم لا بالسيف وطريق التغلب كما مر في الأزمان السابقة.
الفائدة الثانية : أنهم جمعوهم ليختبروا حالهم من جهة المال والقوة العسكرية وهل عندهم أسلحة جديدة يخشى بأسها أو لا ، فوجدوهم على الحالة الهمجية القديمة في الأسلحة وآلات الحرب حتى أن بعضهم كان لعساكرهم البنادق والفتيلى أي المشادلي ، وبعضهم يحمل القوس والنشاب والرمح ، وبعضهم يلبسون الدروع والخود على العادة الجاهلية ، فاطلعوا على قوتهم وعرفوا أنهم ما داموا يجهلون الأسلحة الأوروباوية فلا يمكن للخناس الذي وسوس للصرب أن يوسوس لهم.
الفائدة الثالثة : أن تجار الإنكليز ربحوا من هذا الدربار عشرة ملايين ليرة لما حصل عنه من رواج التجارة ونفاق السلع حتى فاق على معرض باريس في زمن نابليون ، حيث جلب إليه من كل غريبة ونادرة وعجيبة ، فإن عدد تذاكر سكة الحديد التي بيعت إلى السفر إلى دهلى بلغت نحو مليوني تذاكرة ، وبعض الوفود رحل من محل بعيد عن دهلى مثل أهل كلكوته وأهل مدراس وأهل السند وأهل بمباي وأهل بشاود ، وكان بعضهم يركب في الدرجة الأولى وبعضهم في الثانية وبعضهم في الثالثة ، فالدرجة الأولى أجرتها نحو عشرين جنيها ، والدرجة الثانية أجرتها نحو عشرة جنيهات ، والدرجة الثالثة نحو ثلاثة. فإذا ضربت القليل في الكثير والقريب في البعيد كان المدفوع من مليوني نفس ثمانية ملايين ليرة ، وجميع ملوك الهند حضروا ذلك الدربار امتثالا لأوامر الحكمدار ما عدا ملكة تنجاور فإنها اعتذرت بأنها في حالة الولادة ، ونواب وأمير وغالب علي خان فإنه تعلل بأنه مريض بداء البرص وأنه لا يمكنه الحضور في مجمع الملوك لئلا تنفر طباعهم منه انتهى. ثم زار تلك الممالك ولي عهد ملكة إنكلترا واحتفلوا به وهادوه بهدايا نفيسة ملوكية يأتي الكلام عليها في الكلام على معرض باريس من المقصد.
ثم إن استيلاء الإنكليز كما تقدم كان شيئا فشيئا ، فبعض الملوك والأمراء سلموا إليه السيادة وأبقاهم على ولايتهم عند قصده لهم بالحرب ، وأبقى لهم ما يملكون من المال والمجوهرات في خاصة ذاتهم وبعض التصرفات ، والتصرف الحقيقي بيد الإنكليز سواء كان في الإدارة المالية أو السياسية ، وأما العسكرية فلكل عساكر تحت أمره ، وكثيرا ما تأتي العساكر الإنكليزية لإرهاب الولاة والملوك وإخضاعهم ، فالتصرف حقيقة للإنكليز لكن للملوك الأبهة والإسم بحيث أن التصرفات تنسب إليهم بالإسم ، كما أن بعضا من الملوك