ومعلاق للثياب ، وأرض البيت مفروشة بزربية فلا يمكن إخراج الماء عن الحوض وإنما يغطس الإنسان في الحوض ويغتسل فيه بالصابون إما بنفسه أو بخادم من الحمام ، ثم يجذب سلسلة من قعر الحوض لجذب سدادة فيخرج ما فيه من الماء ، ثم يجدد له ماء ثانيا ويأتي بمناديل من الكتان مسخنة نظيفة جدا يتنشف بها الإنسان وهو منفرد وبابه مغلق لا يدخل عليه أحد إلا بإذنه فإذا أراد الإنسان التطهير يزيل ما على بدنه من النجاسة في بيته إن أمكنه وإلا عند إتيانه إلى الحمام يأمر الخادم بأن لا يملأ الحوض بالماء ولما ينفرد يقف في الحوض ويأخذ الكاس الموضوع في البيت لأجل الشرب فيملؤه بالماء الحار والبارد من الأنابيب ويزيل ما عليه من النجاسة ويغسل رجليه ويخرج من الحوض ثم يفتح له منفذ خروج الماء منه ويفتح أنابيب إندفاع الماء ويطهر أرض الحوض بالغسل ، ثم يسدّ منفذ الخروج ويملأ الحوض ماء على قدر ما يكفيه ويغتسل ويتطهر فيه وهو سائغ على مذهبنا لأن الماء لا يصير مستعملا إلا بعد انفصاله عن جميع البدن والبدن كله في الإغتسال عضو واحد.
وأما على مذهب المالكية فهو أيسر ، وقد اضطررت في ذلك الحمام إلى استئجار أحد خدمته ليستر زاوية من الحمام بمسك إزار في يديه حتى تيسر لي تطهير ما تحت إزاري ، وهناك صعوبة أخرى وهي بعد الماء بحيث أن كل مغتسل يأتي إليه بنحو عنزة مما يسمى برميل مملوءة له ليتطهر بها بعد التنظيف ، ثم خرجت من الحمام وأتيت الجامع وإذا هو نظيف محروس قائم الأدوات مفروش بالحصير من السمار على نحو ما هو بتونس ولما كنت لابسا لنعل كالخف مما يصح المسح عليه وهو نظيف دخلت به المسجد وصليت به ، وكان هناك بعض الناس فرأيتهم ينظرون إليّ شزرا منكرين الدخول بالنعل إلى المسجد لكن لم يقل لي أحد منهم شيئا ، فلما فرغت من الصلاة خاطبني من بجنبي فقال لي : «أنت مسلم ولم تدخل المسجد بنعلك» فقلت له : هل تعرف الفقه؟ قال : نعم ، قلت : ما هو مذهبك؟ قال : مالكي [قلت] : فانظر في مختصر الشيخ خليل في كتاب الطهارة (١) فإنك تجد فيه مسألة المسح على الخفين وأن المسافر يمسح عليهما ولا ينزعهما ويصلي فيهما وأنا مسافر وحتى المقيم أيضا له لبسهما والمسح عليهما والصلاة فيهما ، وقد فعل ذلك النبي (٢) صلىاللهعليهوسلم وهو مذكور في كتب الحديث ، وكان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يدخلون المسجد بنعالهم بعد تفقدها وتطهيرها إن كان بها نجاسة فهذا جائز شرعا وليس في
__________________
(١) انظر كتاب مختصر العلامة خليل صفحة (١٩) وما بعدها.
(٢) روى مسلم (٢٧٦) وغيره عن شريح بن هانىء قال : «أتيت عائشة رضياللهعنها أسألها عن المسح على الخفين ، فقالت : ائت عليا فإنه أعلم بهذا مني كان يسافر مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسألته فقال : جعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، ويوما وليلة للمقيم». وروى الترمذي (٩٦) والنسائي ١ / ٨٣ واللفظ له : عن صفوان بن عسال رضياللهعنه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين : أن نمسح على خفافنا ولا ننزعها ثلاثة أيام من غائط وبول إلا من جنابة.