وصارت تثمر آلافا من العناقيد ولا يخرج منها عنقود إلا بتذكرة من عند ذات الملكة تهادي بها من تتحفه من الأقارب والأعيان ، وعلى تلك الشجرة قيم خاص وخدمة وتقصد للتفرج بانفرادها.
والحاصل : أن لندره لا تؤنس الوارد بمنظرها الإجماعي ومحاسنها مخبأة يروق بها الأعالي من الناس ومن أكرموه معهم ، حتى أنها ليست بها قهاوي كما في سائر أوروبا وليس فيها إلا حانات لا يدخلها إلا السفهاء ، أو حوانيت تبيع الحلويات لمن يدخلها واقفا.
ومنها : عمود مصر المسمى بالمسلة موضوع على عدوة نهر التيمس الحاوية للقصور الملكية وسائر مهمات لندره ، وقد صرف على جلبه من إسكندرية أموال باهظة تجاوزت عدة ملايين من الفرنك وأنشىء لجلبها سفينة خاصة بخارية وصاحبتها للمراقبة سفينة أخرى ، وتلقيت عند الوصول إلى لندره باحتفال وركزت في موضعها غير أن هذا الموضع وما حوله ليس مما يذكر وبينه وبين مركز المسلة بباريس بون بعيد ، وكان الإنقليز إنما قصدوا إسم وضع مسلة بقاعدتهم لا أنهم أرادوا جمالها وبهاءها.
ومنها : تمثال زوج الملكة الحالية المتوفي سنة ١٨٦١ فأقيم له تمثال في غيضة «هيت بارك» من أعظم الهياكل بناء ورونقا وإتقانا من أنواع المرمر الملون المزخرف بقناطير الذهب ، وصرف عليه عدة ملايين من الفرنك.
ومنها : المكتبات العديدة الحاوية لملايين الكتب وإحداها شاملة للكتب التي غنمت من ممالك الهند التي استولى عليها الإنكليز استيلاء باتا ، وهاته المكتبة ليس بها قاعات وأواوين كبيرة كغيرها وإنما هي عبارة عن قصر ضخم كقصور السكنى الكبيرة في باريس وفيه عدة طبقات وكل يشتمل على بيوت بها نوع من الكتب والفنون وعلى كل نوع مدير تحته عدة قيمين ، والكتب المجلوبة من الهند في أعلى طبقات القصر في عدة بيوت ضيقة غير مرتبة ولا نظيفة والغبار على أكثرها ، ووضعها في الخزائن على ترتيب وضعها في دفتر قيد أسمائها وهذا الدفتر إنما رتب منذ عهد قريب لأن الكتب أتي بها من الهند في أزيد من أربعين صندوقا كبيرا وبقيت متروكة على حالها زمانا طويلا ، ثم لما فتحت الصناديق ووجدت ملآنة بالكتب وضعت هناك زمانا طويلا من غير ترتب ثم كلف بتنضيدها وكتب فهرس لها أحد المستعربين من جهات سورية فرتبها على حسب حروف المعجم في أسمائها من غير نظر لموضوعاتها ومعانيها فتجدها مجموعة ولا جامع إلا حروف أسمائها ولم يتمها كلها بل قيد منها ألفا وخمسين مجلدا وبقي غيرها غير معروف ، ثم أن الكتب المزخرفة والأوراق المذهبة جمعت في صناديق من الزجاج للناظرين فترى ورقة من مصحف كريم وبإزائها ورقة من تصاوير الصينيين إلى غير ذلك ، وتشتمل هذه المكتبة على كتب غريبة قليلة الوجود أو غير معروفة وقد طبع ما تم من فهرسها وأعطيت منه نسخة وليس هو مجرد