مرتبة من أجل دولتنا العلية يجوز أن يزاد مقدار عساكر بالصورة التي تستنسب حالة كون دولتنا العلية محاربة ، وتكون رايات العساكر البحرية والبرية والعلامة المميزة لرتب ضباطهم كرايات عساكرنا الشاهانية ونياشينهم ، ويباح لخديوي مصر أن يعطي الضباط البرية والبحرية رتبا إلى غاية رتبة أمير الآلاي والملكية إلى الرتبة الثانية ، ولا يرخص لخديوي مصر أن ينشىء سفنا مدرعة إلا بعد الأذن وحصول رخصة صريحة قطعية إليه من دولتنا العلية ، ومن اللزوم وقاية كافة الشروط السالفة الذكر والإجتناب من وقوع حركة تخالفها ، وحيث صدرت إرادتنا السنية بإجراء المواد السابق ذكرها قد أصدرنا أمرنا هذا جليل القدر الموشح أعلاه بخطنا الهمايوني ، وهو مرسل صحبة افتخار الأعالي والأعاظم ومختار الأكابر والأفاخم ، علي فؤاد بك باشكاتب المابين الهمايوني ، ومن أعاظم رجال دولتنا العلية الحائز والحامل للنياشين العثمانية والمجيدية ذات الشأن والشرف ، حرر في تاسع عشر شهر شعبان المعظم سنة ١٢٩٦ ه من هجرة صاحب العز والشرف.
وبهذا تعلم أصول الحالة التي عليها حكومة مصر أما كيفية الإدارة فلما قدمناه في التاريخ لا يتيسر لنا التصريح بالحقيقة التي يرسى عليها الحال لأنها غير مستقرة كما علمت وإنما نقول إنها الآن لها خديوي يتصرف بواسطة الوزراء على نحو القاعدة الأوروباوية وما عدا هذا فهو موقوف إلى الآن وهو سنة ١٣٠٠ ه ، ومن العجب أن بقي الحال هكذا على غير استقرار وكل حين يسمع أنهم يريدون أن ينشئوا أساسات للإدارة ولم تظهر للوجود مع شدة التشكي من الأهالي من الحالة الراهنة التي مآلها عدم العلم بمرجع الأمر وعدم تعين المتصرف رسما وفعلا ، فإن القوة الحربية بيد الإنكليز وهم أصحاب النفوذ لكنهم مصرحون بأنهم لا يتصرفون في الإدارة وأنها راجعة إلى الخديوي وحكومته وهؤلاء أيديهم قصيرة إذ كل شيء مرجعه صاحب القوة لا سيما بعد أن استعفت وزارة شريف باشا ، وتولية وزارة نوبار باشا الذي علم أن لا مناص عن مجاراة القوى مع تفاقم الثورة في السودان التي كانت ابتدأت أواخر مدة إسماعيل باشا بسبب تعدي المأمورين على رجل منسوب للصلاح يسمى محمد أحمد كان شيخ طريقة وله اتباع ، فغارت منهم أتباع طريقة أخرى فأغروا بهم عامل تلك الجهة وهي دارفور فأرسل إليهم بعض اتباعه فخالفوهم وقهروهم وتكرر ذلك ، وكلما أرسل إليهم قوة كسروها فحصل لمحمد أحمد شهرة إلى أن ادعى المهدوية وكانت الأعيان والأمراء من السودان في حرج من إدارة المصريين ، فانضموا إليه بتدبيرهم وأموالهم إلى أن استولوا على أغلب السودان المصري وكسر والمصر عدّة جيوش عظام أحدها : يشمل أزيد من عشرة آلاف قتلوهم عن آخرهم واستولوا على مهماتهم ، وفي أثناء ذلك دخل عسكر الإنكليز إلى مصر فأعلنت إنكلاتيره بفصل السودان عن مصر واستقلالهم بأمرهم متعللة بأنهم لا نفع فيهم للحكومة مع ضيق ما لها عن الوفاء بحربهم ، وكان ذلك سبب استعفاء وزارة شريف باشا متمسكا بأن ذلك لا يصح بدون أمر الدولة العثمانية المسلم لها السيادة ولضره بمصر أيضا ، لكن إنكلاتيره أصرت على رأيها وأولت نوبار باشا وفائدتها من ذلك