لإيطاليا لكنها مغلوبة غلبا فظيعا لبروسيا ، وذلك لأن البروسيا كانت اخترعت نوعا من المكاحل مسدسا يحشى من أسفله ويثور باروده باندفاع إبرة من أسفل المكحلة ويسمى هذا النوع المكحلة ذات الإبرة ، وكان أبعد مرمى وأسرع انطلاقا من النوع القديم بكثير فكانت عساكر النمسا يصيبهم رمي عدوهم المتوالي كالمطر الدافق من غير أن يصيب رميهم عدوهم ولو بواحدة ، وكان صف العساكر يخر ميتا دفعة من قبل أن يتمكن من رمي عدوه إلى أن ضجت عساكر النمسا ولم يكن لهم من وجه للتخليص إلا عقد الصلح بما طلبته أبروسيا ، ومن العجب أن ذلك السلاح كانت عساكر أبروسيا مقلدة ومحاربة به للدانيمرك عند تعاضدهم مع النمسا ولم يلتفت إليه أحد إذ ذاك ولا تهيأت النمسا لمقابلته فوقع الصلح سنة ١٢٨٣ ه سنة ١٨٦٦ م ، على أن البروسيا تتولى تلك الولايتين وتدخل فيها أيضا مملكة الهانوفر ، والهاس ، ودوكاتوناسو ،. وبلد فرنكفورت الحرة ، وأن تخرج النمسا عن رياسة العصبة الجرمانية بالمرة ، وتبقى ممالك جرمانيا فالشمالي منها داخل تحت رياسة أبروسيا مستقل بإدارته ، والجنوبي منها له معاضدة مع البروسيا لكن ليس داخلا تحت رياستها تماما ، إلى أن وقعت الحرب مع فرنسا كما سيأتي في محله.
كما تضمنت شروط الصلح أيضا تنازل النمسا عن ولاية فينيسيا إلى إمبراطور الفرنسيس وهو سلمها للطليان ، وذلك لأنه هو الذي تداخل بالصلح عندما رأى فظاعة تقهقر النمسا ، ثم لما انهزمت فرنسا في حربها مع ألمانيا سنة ١٢٨٧ ه سنة ١٨٧٠ م واضطرت إلى إخراج جيشها من رومة تم اتحاد إيطاليا بجعل مدينة رومة تختا للمملكة فدخلتها جيوش الملك «فيكتورا مانويل» والثائرون بعد محاربة ضعيفة من عساكر البابا وبقي البابا حاكما روحيا على الكاتوليك ، واتحد الحكم السياسي لمملكة إيطاليا ولم يبق خارجا عنها سوى «صان مرينو» التي أهلها نحو سبعة آلاف نسمة فإنها مستقلة بنفسها ، وكذلك «صان بيترو» وهي كنيسة رومية الكبرى والفاتيكان وهو محل استقرار البابا ، وبقيت قطعة أخرى على شاطىء البنادقة العليا الحاوية لمرسى ترست تحت يد النمسا وفي نفوس الطليانيين الدعوى باستحقاقها ، ثم إن المزية في ذلك الاتحاد ولئن كانت إلى الملك فيكتور امانويل لإجرائه للقوانين في ممالكه حتى أحبته سائر إيطاليا وفاز بالشهرة بذلك وزيره كافور لمهارته وحزمه في إدارة السياسة العامة وجلب المساعدة من الخارج وتقديم الأهم فالأهم ، لكن للأمة الطليانية أيضا الحظ الأوفر من ذلك الفخر حيث هيأت نفسها واستعدت لإنفاذ ذلك المراد بفتح بصائرها وتمييزها السقيم من المستقيم ومعرفتها بما يؤل لخيرها حتى كانت تعقد لذلك الجمعيات السرية في أقطار المملكة وتتواصل المخابرات بينهم في الإستعداد وغرس حب الوطن والنفرة من الضيم ، ومن تلك الجمعيات الجمعية المسماة «بالفرمسيون» التي نهاية سعيها نشر الحرية من غير إذاية لأحد على شروط عندهم ، وتحملت تلك الجمعيات مصاعب كبيرة في عدة جهات ومع ذلك لم يفتر عزمهم وآثروا النفع العام على حظوظهم الشخصية إلى أن وجدوا يد المساعدة من دولة الساردو المستعدة لما يرومونه