المدعوين هناك ويحضر القسيس ويبارك على كل من الزوجين ويأخذ خاتما من ذهب من إصبع الزوج ويدخله في إصبع الزوجة ويرش عليهما ماء ، وتكون العروس إذ ذاك لابسة لأحسن لباسها في لون البياض ومتحلية بما لها من الحلي ثم يحلق الزوج يده اليمنى على صدره وتدخل الزوجة يدها اليسرى في ذراعه وينصرفون ، ويقف آباؤهم معهم في محل عند باب الكنيسة لقبول الهناء من المدعوين ، ثم يسافر العروسان حالا إلى أي بلد أرادوا مدة ما على حسب الرفاهية والجدة وذلك لأمرين.
أولهما : عدم الحياء من معارفهم بالإستراحة من الإشتغال بحركاتهم وسكناتهم.
وثانيهما : تقضى مدة في الإنكباب على لذاتهما من غير تعب بأدني كلفة مع الإقتصاد في المصاريف للوليمة لأجل المعارف وينفقون ما ينفقون في لذاتهما هذا في الأغنياء.
أما الفقراء فيستعوضون عن السفر بالخروج لإحدى المنتزهات ثم إن الزوجة لا تكسو في العرس إلا نفسها والزوج هو الذي يكسو بيته ، وبعد ذلك يكون مصروف الزوجة في أكلها ولبسها وسكناها على زوجها وذلك المال الذي أعطته مهرا للزوج باق على ذمتها وإنما يصرفون دخله على كل منهما.
ومن ولائمهم أيضا وليمة بلوغ البنت فيلبسونها لباسا كله أبيض وبرقعا أبيض صفيقا وتذهب إلى الكنيسة ثم تعود لدار أبيها ويصنع لذلك وليمة. واعلم أن ما ذكرناه من الذهاب إلى الكنائس ليس أمرا حتميا بل هو عادي لمجرد التعود عليه عند ما كانوا يجرون الأحكام الديانية في الأحوال المدنية ، وموكب المآتم عندهم لا يجهرون فيه بالبكاء وبعد قدوم القسيس لحضور موت الميت يبقى مدة من الأيام لتحقق الموت ، حيث أنهم وجدوا بعض الذوات يظهر عليها الموت وهي في الحقيقة لم تمت مع تعسر الإطلاع ولو من حذاق الحكماء ، ويكون هذا بالخصوص في موت الفجئة وأمثالها ، وكان هذا لا مانع في ديانتنا منه إذ استحباب التعجيل بالدفن إنما هو عند تحقق الموت بيقين أما قبله فيحرم ، لأنه يصير قتلا وقد شوهد ذلك في كثير ممن نبشت قبورهم بعد زمان فيجدونهم في حالة غير التي يوضع عليها الميت ، ويجدون الأكفان ممزقة وحيوط القبر بها آثار الخدش. فيجب التنبه لمثل ذلك وقد قالوا إن ذلك النوع يحصل بكثرة في الأمراض المستوبية وقد سمعت بذلك في بلادي مرات متعددة ، منها في سنة ١٢٨٤ ه حيث استوبي مرض الحمى الخبيثة فكانت عدة جنائز ذاهبين بها فاطلع المارة على حركات في الميت وأوقفوا الجنازة ووجدوه حيا ، وتارة ينادي هو من نفسه متفجعا من الحالة التي هو فيها. ثم إن أهل إيطاليا بعد تحقق الموت يكفنون الميت في لباسه النظيف ويجعلونه في صندوق من خشب ملفوف في رداء أسود عليه شرطان من قصب الفضة ، وتحمل الجنازة في كروسة معدة لذلك ويركب مشيعوا الجنازة في كراريس معدة للحزن كلها سود ، وأغنياؤهم يربطون في كروستهم خيلا سودا أيضا وعدتها سوداء ويذهبون بالميت إلى المقبرة فيدفن في قبر عميق ويحكم سد التراب