فوصلت الأخبار من «القاضي» من مصر ، أنّ الملك العادل أجاب الملك الظاهر إلى كل ما اقترحه ، وسارع إلى تحصيل أغراضه ، ولم يتوقّف في أمر من الأمور.
وجعل كيكاوس يحث السّلطان على الخروج ، ويذكر أنه ينتظره ، ونشب السلطان به ، وضاق صدره ، وبقي مفكرا في أنّ عمه قد وافقه ، ولا يرى الرّجوع عنه إلى ملك الروم ، فيفسد ما بينه وبين عمّه ، ويغضّ من قدره بالخروج إليه والإجتماع به إذا خرج ، وأنه إن رجع عن ذلك فسد ما بينه وبين ملك الروم ، والعسكر قد برز ، وهو مهتمّ في ذلك الأمر.
وطلب الإعتذار إلى ملك الروم بوجه يجمل ، فلشدّة فكره ، وضيق صدره ، هجم عليه مرض حادّ في جمادى الآخرة في سنة ثلاث عشرة وستمائة.
واعترته أمراض شتّى وماشيرا (١). واشتدّ به الحال ، وجمع مقدّمي البلد وأمراءه ، واستحلفهم لابنه الملك العزيز محمد ، ثم من بعده لابنه الملك الصالح أحمد ، ثم من بعده لابن أخيه ، وزوج ابنته : الملك المنصور محمّد بن الملك العزيز. وجعل الأمير سيف الدّين بن علم الدّين مقدّم العسكر ؛ وشهاب الدين طغرل الخادم والي القلعة ، ومتولّي الخزانة ، وتربية أولاده ، والنظر في مصالح الدّار والنساء.
وأنزل «بدر الدين ايدمر» والي قلعة حلب منها ، وأقطعه زيادة على ما كان في يده من الأقطاع «قلعة نجم» ، بذخائرها وعددها ، و «زردنا» ،
__________________
(١) مرض تظهر آثاره على الوجه والجلد.