عليها ، فقد سلمناها فليأخذ منها حقه ، ومنهم من لم تظفر به السرايا ، فانتهى إلى خالد مقرا بالإسلام ، ومنهم من مضى إلى أبى بكر الصديق ولم يقرب خالدا.
قال الواقدى : فاختلفوا علينا فى قرة بن هبيرة القشيرى (١) ، فقال قائل : هرب إلى أبى بكر وأسلم عنده ، وقال قائل : أخذته خيل خالد ، فأتت به إليه ، ومنهم من قال : جاء إلى خالد بن الوليد شاردا حين جاءت بنو عامر إلى خالد ، وهو أثبت عندنا.
قال بعضهم : وكانت بنو عامر تربص لمن الدبرة ، وصاحب أمرهم قرة بن هبيرة ، فقام فيهم أبو حرب ربيعة بن خويلد العقيلى ، وهو يومئذ ، فارس عامر ورجلها ، فقال : مهلا يا بنى عامر ، قد قتلتم رسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إلى بئر معونة ، وأخفرتم ذمة أبى براء ، وأرداكم عامر بن الطفيل ، وقد أظلكم خالد فى المهاجرين والأنصار ، فكسرهم قوله ، وقد رضوه ، وكان عرض لعمرو بن العاص مقدمه من عمان بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، مع قرة بن هبيرة ما نذكره ، وذلك أن عمرا كان عاملا للنبى صلىاللهعليهوسلم ، على عمان ، فجاءه يوما يهودى من يهود عمان ، فقال : أرأيتك إن سألتك عن شيء أأخشى على منك؟ قال : لا ، قال اليهودى : أنشدك الله ، من أرسلك إلينا؟ قال : اللهم ، رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال اليهودى : الله إنك لتعلم أنه رسول الله؟ قال عمرو : اللهم نعم ، فقال اليهودى : لئن كان حقا ما تقول لقد مات اليوم.
فلما رأى عمرو ذلك جمع أصحابه وحواشيه ، وكتب ذلك اليوم الذي قال له اليهودى فيه ما قال ، ثم خرج بخفراء من الأزد وعبد القيس ، يأمن بهم ، فجاءته وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهجر ، ووجد ذكر ذلك عند المنذر بن ساوى ، فسار حتى قدم أرض بنى حنيفة ، فأخذ منهم خفيرا حتى جاء أرض بنى عامر ، فنزل على قرة بن هبيرة القشيرى ، فقال له حين أراد عمرو أن يركب : إن لك عندى نصيحة ، وأنا أحب أن تسمعها ، إن صاحبك قد توفى ، قال عمرو : وصاحبنا هو لا أم لك ، يعنى دونك ، قال له قرة : وإنكم يا معشر قريش كنتم فى حرمكم تأمنون فيه ويأمنكم الناس ، ثم خرج منكم رجل يقول ما سمعت ، فلما بلغنا ذلك لم نكرهه ، وقلنا ، رجل من مضر يريد يسوق الناس ، وقد توفى ، والناس إليكم سراع ، وإنهم غير معطيكم شيئا ، فالحقوا بحرمكم تأمنون فيه ، وإن كنت غير فاعل ، فعدنى حيث شئت آتك ، فوقع به عمرو وقال : إنى أرد عليك نصيحتك ، وموعدك حفش أمك ، قال قرة : إنى لم أرد هذا ، وندم على مقالته ، ويقال :
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٢١٣٨) ، الإصابة الترجمة رقم (٧١٢١) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٤٢٩٦) ، الجرح والتعديل (٧ / ٧٤٠) ، التاريخ الكبير (٧ / ١٨١).