قالوا : ووقف عليه عبد الله بن مسعود ، فقال : خبت وخسرت ، إنك لموضع فى الباطل قديما ، فقال له عيينة : اقصر أيها الرجل ، فلو لا ما أنا فيه لم تكلمنى بما تكلمنى به ، فانصرف ابن مسعود ، وأتى بقرة بن هبيرة ، فقال : يا خليفة رسول الله ، والله ما كفرت ، وسل عمرو بن العاص ، فإن لى عنده شهادة ، لما أقبل من عمان خرجت فى مائة من قومى خفراء له ، وقبل ذلك ما أكرمت منزله ، ونحرت له ، فسأل أبو بكر رضياللهعنه ، عمرا ، فقال : نزلت به ، فلم أر للضيف خيرا منه ، لم يترك ، وخرج معى فى مائة من قومه ؛ ثم ذكر عمرو ما قال له قرة ، فقال قرة : انزع يا عمرو ، فقال عمرو : لو نزعت نزعت ، فلم يعاقبه أبو بكر ، وعفا عنه ، وكتب له أمانا ، وقبل منه.
وكان فيمن ارتد من بنى عامر ولم يرجع معهم علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر ، فبعث أبو بكر إلى ابنته وامرأته ليأخذهما ، فقالت امرأته : ما لي ولأبى بكر ، إن كان علقمة قد كفر فإنى لم أكفر ، فتركها ، ثم راجع علقمة الإسلام زمن عمر رضياللهعنه ، فرد عليه زوجته.
وأخذ خالد بن الوليد من بنى عامر وغيرهم من أهل الردة ممن جامعهم وبايعه على الإسلام كل ما ظهر من سلاحهم ، واستحلفهم على ما غيبوا عنه ، فإن حلفوا تركهم ، وإن أبوا شدهم أسرا حتى أتوا بما عندهم من السلاح ، فأخذ منهم سلاحا كثيرا ، فأعطاه أقواما يحتاجون إليه فى قتال عدوهم ، وكتبه عليهم ، فلقوا به العدو ثم ردوه بعد ، فقدم به على أبى بكر ، رضياللهعنه.
وحدث يزيد بن شريك الفزارى ، عن أبيه ، قال : قدمت مع أسد وغطفان على أبى بكر وافدا حين فرغ خالد من بزاخة ، وجعلت أسد وغطفان تسلل ، فاجتمعوا عند أبى بكر ، فمنهم من بايع خالدا ، ومنهم من لم يبايعه ، فجاءوا إلى أبى بكر ، فقال أبو بكر : اختاروا بين خصلتين : حرب مجلية أو سلم مخزية ، قال خارجة بن حصن : هذه الحرب المجلية قد عرفتها ، فلما السلم المخزية؟.
قال : تقرون أن قتلانا فى الجنة ، وأن قتلاكم فى النار ، وأن تردوا علينا ما أخذتم منا ، ولا نرد عليكم مما أخذنا منكم شيئا ، وأن تدوا قتلانا دية كل قتيل مائة بعير ، منها أربعون فى بطونها أولادها ، ولا ندى قتلاكم ، ونأخذ منكم الحلقة والكراع ، وتلحقون بأذناب الإبل حتى يرى الله خليفة نبيه والمؤمنين ما شاء فيكم أو يرى منكم إقبالا إلى ما خرجتم منه. فقال خارجة بن حصن : نعم يا خليفة رسول الله ، قال أبو بكر : عليكم