إلى مسيلمة كيف رفق به حتى أراد أن يقدم لو لا أن الرجال نهاه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يقتله الله ، ويقتل الرجال معه ، ففعل الله ذلك بهما ، وأنجز وعده فيهما.
واستضاف مسيلمة إلى ضلاله فى دين الله وتكذبه على الله ضلالة سجاح ، وكانت امرأة من بنى تميم ، أجمع قومها أنها نبية ، فادعت الوحى ، واتخذت مؤذنا وحاجبا ومنبرا ، فكانت العشيرة إذا اجتمعت تقول : الملك فى أقربنا من سجاح ، وفيها يقول عطارد بن حاجب بن زرارة :
أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها |
|
وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا |
ثم إن سجاح رحلت تريد حرب مسيلمة ، وأخرجت معها من قومها من تابعها على قولها وهم يرون أن سجاح أولى بالنبوة من مسيلمة ، فلما قدمت عليه خلا بها ، وقال لها : تعالى نتدارس النبوة ، أينا أحق؟ فقالت سجاح : قد أنصفت ، وفى الخبر بعد هذا من قوله ما يحق الإعراض عن ذكره.
وقد قيل إن سجاح إنما توجهت إلى مسيلمة مستجيرة به لما وطئ خالد العرب ورأت أنه لا أحد أعز لها منه ، وقد كانت أمرت مؤذنها شبت بن ربعى أن يؤذن بنبوة مسيلمة ، فكان يفعل ، فلما قدمت على مسيلمة قالت : اخترتك على من سواك ونوهت باسمك ، حتى إن مؤذنى ليؤذن بنبوتك ، فخلا بها ليتدارسا النبوة.
ولما قتل مسيلمة ، أخذ خالد بن الوليد سجاح ، فأسلمت ورجعت إلى ما كانت عليه ، ولحقت بقومها.
وعظمت فتنة بنى حنيفة بكذابهم هذا حتى كان يدعو لمريضهم ويبرك على مولودهم ، ولا ينهاهم عن اغترارهم به ما يشاهدون من قلة غنائه عنهم. جاءه قوم بمولود ، فمسح رأسه فقرع وقرع كل مولود له ، وجاءه آخر ، فقال : يا أبا ثمامة ، إنى ذو مال ، وليس لى مولود يبلغ سنتين حتى يموت غير هذا المولود ، وهو ابن عشر سنين ، ولى مولود ولد أمس ، فأحب أن تبارك فيه وتدعو أن يطيل الله عمره ، فقال : سأطلب لك الذي طلبت ، فجعل عمر المولود أربعين سنة ، فرجع الرجل إلى منزله مسرورا ، فوجد الأكبر قد تردى فى بئر ، ووجد الصغير ينزع فى الموت ، فلم يمس من ذلك اليوم حتى ماتا جميعا ، تقول أمهما : فلا والله ما لأبى ثمامة عند إلهه مثل منزلة محمد صلىاللهعليهوسلم.
قالوا : وحفرت بنو حنيفة بئرا ، فأعذبوها نتاحا ، فجاءوا إلى مسيلمة ، فطلبوا إليه أن يأتيها ، وأن يبارك فيها ، فأتاها ، فبصق فيها ، فعادت أجاجا.