فيه ، ورده عليه ، فأقبل الوفد على طلحة ، فقالوا : هذا عملك أنت ، أمرتنا أن نشهد عمر ، واتهموه فى أمرهم ، فقال طلحة : والله ما أردت إلا الخير ، فرجعوا إلى أبى بكر غضابا ، فخبروه الخبر ، ودخل طلحة والزبير ، فقالا : والله ما ندرى أنت الخليفة أم عمر ، فقال أبو بكر : وما ذاك؟ فأخبروه ، فقال : فما صنع عمر بالكتاب؟.
قالوا : فض الخاتم وتفل فى الكتاب ومحاه ، فقال أبو بكر : لئن كان عمر كره من ذلك شيئا ، فإنى لا أفعله ، فبينما هم كذلك إذ جاء عمر ، فقال له أبو بكر : ما كرهت من هذا الكتاب؟ فقال : كرهت أن تعطى الخاصة دون العامة ، ولكن اجعل أمر الناس واحدا لا يكون عندك خاصة دون عامة ، وإلا فأنت تقسم على الناس فيئهم ، فتأبى أن تفضل أهل السابقة وأهل بدر وتعطى هؤلاء قيمة عشرين ألفا دون الناس ، فقال أبو بكر : وفقك الله وجزاك خيرا ، فهذا هو الحق.
وذكر وثيمة بن موسى : أن بكر بن وائل لما خفت عند ردة العرب بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قالوا : والله لنردن هذا الملك إلى آل النعمان بن المنذر ، فبلغ ذلك كسرى ، فبعث فى وجوههم ، فقدموا عليه وعنده يومئذ المخارق بن النعمان وهو المنذر بن النعمان بن المنذر ، وكان يسمى الغرور ، فقال لهم : سيروا مع المنذر بن النعمان ، فإنى قد ملكته ، فخذوا البحرين ، فساروا ، وسارت معه الأساورة ، وهم يومئذ ستة آلاف راكب ، ثم إن كسرى ندم على تمليك المنذر وتوجيه من وجه معه ، وقال : غلام موبق ، قتلت أباه ، معه كتيبة النعمان من بكر بن وائل يأتون إخوتهم من عبد القيس ، وهو غلام فتى السن لم يختبر ، هذا خطأ من الرأى ، فصرفه إليه ، وانكسر المنذر للذى صنع به ، ثم عاود كسرى رأيه فيه لكلام بلغه عنه ، فأمضاه وسرح معه أبجر بن جابر العجلى ، ثم ذكر حديثا طويلا تتخلله أشعار كثيرة لم أر لذكر شيء منها وجها ، واستغنيت من حديثهم بما تقدم منه.
وذكر أن المنذر لما كان من ظهور الإسلام ما تقدم ذكره هرب إلى الشام ، فلحق ببنى جفنة ، وندم على ما مضى منه ، ثم ألقى الله فى قلبه الإسلام ، فأسلم ، فكان بعد إسلامه ، يقول : لست بالغرور ولكنى المغرور ، هذا ما ذكره وثيمة فى شأن الغرور.
وذكر سيف فى فتوحه وحكاه الدارقطنى عنه ، قال : الغرور بن سويد أسر يوم البحرين ، أسره عفيف بن المنذر وأجاره ، فأتى به العلاء بن الحضرمى ، فقال : إنى قد أجرت هذا ، قال : ومن هو؟ قال : الغرور ، قال : أنت غررت هؤلاء؟ قال : إنى لست