ساوى (١) ، وكتب إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام ، فكتب يعنى المنذر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أما بعد ، يا رسول الله ، فإنى قرأت كتابك على أهل هجر ، فمنهم من أحب الإسلام ، وأعجبه ، ودخل فيه ، ومنهم من كرهه ، وبأرضى مجوس ويهود ، فأحدث إلى فى ذلك أمرك».
فكتب إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله ، إلى المنذر ابن ساوى ، سلام عليك ، فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد ، فإنى أذكرك الله عزوجل فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه ، وإنه من يطع رسلى ويتبع أمرهم فقد أطاعنى ، ومن نصح لهم فقد نصح لى ، وإن رسلى قد أثنوا عليك خيرا ، وإنى قد شفعتك فى قومك ، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه ، وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم ، وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك ، ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية» (٢).
وذكر غير الواقدى أن العلاء بن الحضرمى لما قدم على المنذر بن ساوى قال له : يا منذر ، إنك عظيم العقل فى الدنيا ، فلا تصغرن من الآخرة ، إن هذه المجوسية شردين ، ليس فيها تكرم العرب ، ولا علم أهل الكتاب ، ينكحون ما يستحى من نكاحه ، ويأكلون ما يتكرم عن أكله ، ويعبدون فى الدنيا نارا تأكلهم يوم القيامة ، ولست بعديم عقل ولا أرى ، فانظر : هل ينبغى لمن لا يكذب أن تصدقه ، ولمن لا يخون أن تأتمنه ، ولمن لا يخلف أن تثق به ، فإن كان هذا هكذا فهو هذا النبيّ الأمى الذي والله لا يستطيع ذو عقل أن يقول : ليت ما أمر به نهى عنه ، أو ما نهى عنه أمر به أو ليته زاد فى عفوه أو نقص من عقابه ، إن كل ذلك منه على أمنية أهل العقل وفكر أهل البصر.
فقال المنذر : قد نظرت فى هذا الذي فى يدى فوجدته للدنيا دون الآخرة ، ونظرت فى دينكم فوجدته للآخرة والدنيا ، فما يمنعنى من قبول دين فيه أمنية الحياة وراحة الموت ، ولقد عجبت أمس ممن يقبله ، وعجبت اليوم ممن يدره ، وإن من إعظام ما جاء به أن يعظم رسوله ، وسأنظر.
وذكر ابن إسحاق والواقدى وسيف والطبرى وغيرهم أن المنذر لما وصله العلاء
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٢٥١٥) ، الإصابة الترجمة رقم (٨٢٣٤) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٥١٠٦).
(٢) انظر التخريج السابق.