أمرا دونكم ، فأحضرنى رأيك فى كل يوم بما ترى ، فإنه ليس بى عنكم غنى. فقال له : أفعل ، والله يوفقك لما يصلح المسلمين.
وقال سهل بن سعد : ما زال أبو بكر رحمهالله تعالى ، يبعث الأمراء إلى الشام ، أميرا أميرا ، ويبعث القبائل ، قبيلة قبيلة ، حتى ظن أنهم قد اكتفوا ، وأنهم لا يريدون أن يزدادوا رجلا.
وذكر أبو جعفر الطبرى (١) ، عن محمد بن إسحاق : أن تجهيز أبى بكر الجيوش إلى الشام كان بعد قفوله من الحج سنة اثنتى عشرة ، وأنه حينئذ بعث عمرو بن العاص قبل فلسطين.
وذكر فى تولية أبى بكر خالد بن سعيد بن العاص جند الشام ، وتأخيره عن ذلك قبل نفوذه نحوا مما تقدم.
وذكر أيضا من طريق آخر أن توليته إياه إنما كان على ربع من ذلك الجند.
وقيل : إن أبا بكر رضياللهعنه ، جعله ردءا بتيماء ، وأمره أن لا يبرحها ، وأن يدعو من حوله بالانضمام إليه ، وأن لا يقبل إلا ممن لم يرتد ، ولا يقاتل إلا من قاتله حتى يأتيه أمره. فأقام ، فاجتمعت إليه جموع كثيرة ، وبلغ الروم عظيم ذلك العسكر ، فضربوا على العرب الضاحية بالشام البعوث إليهم ، فكتب خالد بن سعيد بذلك إلى أبى بكر ، فكتب إليه أبو بكر ، رضياللهعنه : أن أقدم ولا تحجم واستنصر الله (٢).
فصار إليهم خالد ، فلما دنا منهم تفرقوا وأعروا منزلهم ، فنزله ودخل من كان تجمع له فى الإسلام. وكتب بذلك إلى أبى بكر ، فكتب إليه أبو بكر رضياللهعنه : أقدم ولا تقتحمن حتى لا تؤتى من خلفك. فسار فيمن كان خرج معه من تيماء وفيمن لحق به من طرف الرمل ، فسار إليه بطريق من بطارقة الروم ، يدعى باهان ، فهزمه وفل جنده ، وكتب بذلك إلى أبى بكر ، واستمده ، وقد قدم على أبى بكر أوائل مستنفرى اليمن ، ومن بين مكة واليمن ، فساروا فقدموا على خالد بن سعيد ، وعند ذلك اهتاج أبو بكر للشام وعناه أمره.
وقد كان أبو بكر رد عمرو بن العاص على عمالته التي كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولاه
__________________
(١) انظر : تاريخ الطبرى (٣ / ٣٨٧).
(٢) انظر : تاريخ الطبرى (٣ / ٣٨٨ ـ ٣٨٩).