وإن نقص نهرهم من عادته إذا انتهى رفع عنهم بقدر ذلك ، ومن دخل فى صلحهم من الروم والنوب فله مثل ما لهم ، وعليه مثل ما عليهم ، ومن أبى فاختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه ، أو يخرج من سلطاننا ، عليهم ما عليهم أثلاثا فى كل ثلث ، يريد من السنة ، جباية ثلث ما عليهم ، لهم على ما فى هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله صلىاللهعليهوسلم وذمة الخليفة أمير المؤمنين وذمم المؤمنين.
وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسا ، وكذا وكذا فرسا معونة ، على أن لا يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة.
شهد الزبير ، وعبد الله ومحمد ابنا عمرو ، وكتب وردان ، وحضر فدخل فى ذلك أهل مصر كلهم ، وقبلوا الصلح (١).
فمصر عمرو الفسطاط ، ونزله المسلمون ، وظهر أبو مريم وأبو مريام ، فكلموا عمرا فى السبايا التي أصيبت بعد المعركة ، فقال عمرو : أولهم عهد وعقد؟ ألم نخالفكما ويغر علينا من يومكما؟ فطردهما ، فرجعا وهما يقولان : كل شيء أصبتموه إلى أن نرجع إليكم ففى ذمة. فقال لهما عمرو : يغيرون علينا وهم فى ذمة؟ قالا : نعم. وقسم عمرو ذلك السبى على الناس ، وتوزعوه ووقع فى بلاد العرب ، وقدم البشير إلى عمر بعد بالأخماس ، وقدم الوفود ، فسألهم عمر ، فما زالوا يخبرونه حتى مروا بحديث الجاثليق وصاحبه ، فقال عمر : ألا أراهما يبصران وأنتم تجاهلون ولا تبصرون من قاتلكم فلا أمان له ، ومن لم يقاتلكم وأصابه منكم سبى من أهل القرى فى الأيام الخمسة فله الأمان ، وكتب بذلك إلى عمرو بن العاص ، فجعل يجاء بهم من اليمن ومكة حتى ردوا.
وعن عمرو بن شعيب (٢) قال : لما التقى عمرو والمقوقس بعين شمس ، واقتتلت خيلاهما ، جعل المسلمون يجولون بعد البعد ، فزمرهم عمرو ، فقال رجل من أهل اليمن : إنا لم نخلق من حجارة ولا حديد. فأسكته عمرو ، ثم لما تمادى ذلك نادى عمرو : أين أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فحضر من شهدها منهم ، فقال : تقدموا فبكم ينصر المسلمون.
فتقدموا وفيهم يومئذ أبو بردة وأبو برزة ، وناهدهم الناس يتبعون الصحابة ، ففتح الله على المسلمين ، وظفروا أحسن الظفر ، وافتتحت مصر ، وقام فيها ملك الإسلام على رجل ، وجعل يفيض على الأمم والملوك.
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ١٠٩).
(٢) انظر : الطبرى (٤ / ١١١).