على فرسه ، ولا علم له بما خلفها من الفيوم ، فهجم على الفيوم فلما رأى سوادها رجع إلى عمرو فأخبره.
وقيل غير ذلك فى وجه الانتهاء إلى الفيوم مما لا كبير فائدة فى ذكره ، والله تعالى أعلم(١).
وعن يزيد بن أبى حبيب أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية ورأى بيوتها وبناءها مفروغا منها همّ بسكناها ، وقال : مساكن قد كفينا بناءها ، فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه فى ذلك ، فسأل عمر الرسول : هل يحول بينى وبين المسلمين ماء؟ قال : نعم ، إذا جرى النيل. فكتب إلى عمرو :
إنى لا أحب أن ينزل المسلمون منزلا يحول الماء بينى وبينهم لا فى شتاء ولا فى صيف.
فتحول عمرو من الإسكندرية إلى الفسطاط. وإن ناسا من المسلمين حين افتتحوا مصر مع عمرو بن العاص اختطوا بالجيزة وسكنوا بها ، فكتب عمرو بذلك إلى عمر ، فكتب إليه عمر يقول : ما كنت أحب أن ينزلوا منزلا يكون الماء دونهم ، فإذا فعلوا فابن عليهم حصنا. فبنى الحصن الذي خلف الجسرين.
وبنى عمرو بن العاص المسجد ، وكان ما حوله حدائق وأعنابا ، فنصبوا الحبال حتى استقام لهم ، ووضعوا أيديهم ، فلم يزل عمرو قائما حتى وضعوا القبلة ، وضعها هو ومن حضر معه من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم واتخذ فيه منبرا. فكتب إليه عمر بن الخطاب :
«أما بعد. فإنه بلغنى أنك اتخذت منبرا ترقى به على رقاب المسلمين ، أو ما بحسبك أن تقوم قائما والمسلمون تحت عقبيك ، فعزمت عليك لما كسرته».
ولما اختط الناس المنازل بالفسطاط كتب عمرو بن العاص إلى عمر ، رضياللهعنه : إنا قد اختططنا لك دارا عند المسجد الجامع.
فكتب إليه عمر : أنى لرجل بالحجاز تكون له دار بمصر؟ وأمره أن يجعلها سوقا للمسلمين.
وذكر الطبرى (٢) أن القبط حضروا باب عمرو ، فبلغه أنهم يقولون : ما أرثّ العرب
__________________
(١) انظر : فتوح مصر وأخبارها لابن عبد الحكم (ص ٩١).
(٢) انظر : تاريخ الرسل والملوك للطبرى (٤ / ١١٠).