بكر وكفروا فيمن كفر ، وغلب عليهم أهل فارس ، ثم افتتحها المثنى بن حارثة ثانية ، أدلوا بمقتضى ذلك الكتاب ، فلم يجبهم إليه ، ودعا بشرط آخر ، فلما غلب المثنى على البلاد كفروا فيمن كفر ، وأعانوا ، واستخفوا وأضاعوا الكتاب ، فلما افتتحها سعد ، أدلوا بذلك فسألهم واحدا من الشرطين ، فلم يجيبوا به ، فوضع عليهم وتحرى ما يرى أنهم يطيقون ، فوضع عليهم أربعمائة ألف سوى الخزرة ، وهو رسم كان عليهم لكسرى فى كل سنة أربعة دراهم على كل رأس.
وفيما حكاه ابن الكلبى من حديث الحيرة أن الذي خرج منهم إلى خالد هو عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة وهانئ بن قبيصة الطائى ، مع من خرج إليه من أشرافهم ، وأن خالدا سأل عبد المسيح فذكر نحوا مما تقدم عن عمرو بن عبد المسيح إلى أن قال له : ويحك تعقل قال : نعم ، وأفيد. قال خالد : وأنا أسألك ، قال عبد المسيح : وأنا أجيبك. قال : أسلم أنت أم حرب؟ قال : بل سلم. قال : فما هذه الحصون التي أرى؟ قال : بنيناها للسفيه تمنعه حتى يأتى الحليم فينهاه. ثم ذكر من مصالحته إياهم على الجزية نحوا مما تقدم.
قال : فكانت أول جزية حملت إلى المدينة ، من العراق ، ثم نزل على بانقيا فصالحهم بصهير بن صلوبا على ألف درهم وطيلسان ، وكتب لهم كتابا.
وعن ابن إسحاق أن أول شيء صالح عليه خالد حين سار يريد العراق قريات من السواد ، يقال لها : بانقيا ، وباروسما ، وألّيس ، نزل عليها خالد فصالحه عليها ابن صلوبا ، فقبل منهم خالد الجزية ، وكتب لهم كتابا.
قال : ثم أقبل خالد بمن معه حتى نزل الحيرة فجعل ابن إسحاق شأن تلك القريات مقدما على أمر الحيرة ، والأكثرون يقولون إنها كانت بعدها ، وإن أهلها وسائر دهاقين الملطاطين إنما كانوا يتربصون وينظرون ما يصنع أهل الحيرة. فلما استقام ما بين أهل الحيرة وبين خالد على الصلح طلب جميعهم الصلح وسمحوا بالجزية واكتتبوا بها من خالد كتبا.
وبين الرواة خلاف كثير فى أسماء الرجال والأماكن ومقادير الجزاء ، فرأيت اختصار ذلك أولى.
وعن الشعبى فى حديث كرامة بنت عبد المسيح لما اشتد على قومها دفعها إلى شويل وأعظم الخطر ، قالت لهم : لا تخطروه ، ولكن اصبروا ، ما تخافون على امرأة بلغت ثمانين