خمر ، وهم عليها عكوف ، فقال : اشربوا شرب وداع ، فما أرى أن تشربوا خمرا بعدها ، خالد بالعين وجنوده بحصيد ، وقد بلغه جمعنا وليس بتاركنا.
ألا فاشربوا من قبل قاصمة الظهر |
|
بعيد انتفاخ القوم بالعكر الدثر |
وقبل منايانا المصيبة بالقدر |
|
لحين لعمرى لا يزيد ولا يحرى |
فسبق إليه وهو فى ذلك بعض الخيل ، فضرب رأسه ، فإذا هو فى جفنته ، وأخذنا بناته وقتلنا بنيه.
وأصاب جرير بن عبد الله بالمصيخ عبد العزى بن أبى رهم من النمر ، وإنما حضر جرير مما كان بالعراق ما كان بعد الحيرة ، وذلك أنه كان ممن خرج مع خالد بن سعيد ابن العاص إلى الشام ، فاستأذن جرير فى القدوم على أبى بكر ليكلمه فى قومه بجيلة ، وكانوا أوزاعا فى العرب ، ليجمعهم ويتخلصهم ، فأذن له ، فقدم على أبى بكر فذكر له عدة من النبيّ صلىاللهعليهوسلم وأتاه عليها بشهود ، وسأله إنجازها ، فغضب أبو بكر وقال : ترى شغلنا وما نحن فيه ، من بعوث المسلمين لمن بإزائهم من الأشدين : فارس والروم ثم أنت تكلفنى التشاغل بما لا يغنى عنى عما هو أرضى لله ولرسوله ، دعنى وسر نحو خالد بن الوليد حتى أنظر ما يحكم الله فى هذين الوجهين. فسار جرير حتى قدم على خالد وهو بالحيرة ، فشهد معه ما كان بعدها من الأيام ، وأصاب يوم المصيخ ، كما ذكرنا ، عبد العزى بن أبى رهم ، وكان معه ومع رجل آخر من قومه يقال له لبيد بن جرير كتاب من أبى بكر ، رضياللهعنه ، بإسلامهم ، وسمى عبد العزى عبد الله ، وبلغ أبا بكر مع ذلك أن عبد العزى قال ليلة الغارة:
وأقول إذ طرق الصباح بغارة |
|
سبحانك اللهم رب محمد |
سبحان ربى لا إله غيره |
|
رب العباد ورب من يتودد |
فوداه أبو بكر لما بلغه هذا ، وودى لبيدا ، وقال : أما إن ذلك ليس على إذ نازلا أهل حرب. وأوصى بأولادهما.
وكان عمر ، رضياللهعنه ، يعتد على خالد بقتلهما إلى قتل مالك بن نويرة ، فيقول أبو بكر ، رضياللهعنه : كذلك يلقى من ساكن أهل الحرب فى ديارهم.
وقد كان ربيعة بن بجير التغلبى نزل الثنى والبشر غضبا لعقة ، وواعد لذلك روزبه وزرمهر والهذيل قبل أن يصيبهم ما أصابهم بالمصيخ ، فلما أصاب خالد أهل المصيخ بما أصابهم به ، تقدم إلى القعقاع وإلى أبى ليلى ، بأن يرتحلا أمامه ، وواعدهما ليلة ليفترقوا