فيها للغارة على ربيعة ومن معه من ثلاثة أوجه ، كما فعل بأهل المصيخ ، ثم خرج خالد من المصيخ فنزل حوران (١) ، ثم الرنق ، ثم الحماة (٢) ، ثم الزميل (٣) ، وهو البشر (٤) والثنى معه ، وهما شرقى الرصافة ، فبدأ بالثنى ، واجتمع هو وأصحابه ، فبيت من ثلاثة أوجه ربيعة بن بجير ومن اجتمع له وإليه ، ومن ناشب لذلك من الشبان لذلك من الشبان ، فجرد خالد فيهم السيوف بياتا ، فلم يفلت من ذلك الجيش مخبر ، واستبقى الشيوخ ، وبعث بخمس الله ، عزوجل ، إلى أبى بكر ، رضياللهعنه ، مع النعمان بن عوف الشيبانى ، وقسم النهب والسبايا ، فاشترى على بن أبى طالب ، رضى الله ، من ذلك السبى ابنة ربيعة التغلبى ، فاتخذها ، فولدت له عمر ورقية.
وقال أبو مقرز فى ذلك :
لعمر بنى بجير حيث صاروا |
|
ومن آذاهم يوم الثنى |
لقد لاقت سراتهم فضاحا |
|
وفينا بالنساء على المطى |
وكان الهذيل حيث نجا من المصيخ أوى إلى الزميل ، إلى عتاب بن فلان ، وهو بالبشر فى عسكر ضخم ، فبيتهم خالد بمثلها غارة شعواء من ثلاثة أوجه ، سبقت إليهم الخبر عن ربيعة ، وكانت على خالد يمين : ليبغتن تغلب فى دارها ، فقتل فيهم مقتلة لم يقتلوا قبلها مثلها ، وأصابوا منهم ما شاءوا ، وقسم خالد فى الناس فيئهم ، وبعث الأخماس إلى أبى بكر ، رضياللهعنه ، مع الصباح بن فلان المزنى ، ثم عطف خالد من البشر إلى الرضاب (٥) وبها هلال بن عقة وقد أرفض عنه أصحابه حين سمعوا بدنو خالد ، فانقشع عنها هلال ولم يلق كيدا ، ثم قصد خالد بعدها إلى الفراض ، والفراض تخوم الشام والعراق والجزيرة ، فأفطر فيها فى رمضان فى تلك السفرة التي اتصلت له فيها هذه الغزوات والأيام ، ونظمن نظما إلى ما كان قبل ذلك منه.
__________________
(١) حوران : كانت كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة ومزارع وحرار. انظر : معجم البلدان (٢ / ٣١٧).
(٢) من المدن المشهورة بالشام ، كانت مدينة عظيمة وكبيرة. انظر : معجم البلدان (٢ / ٣١٧ ، ٣١٨).
(٣) الزميل : موضع شرقى الرصافة. انظر معجم البلدان (٣ / ١٥١).
(٤) البشر : اسم جبل يمتد من عرض إلى الفرات من أرض الشام من جهة البادية. انظر : معجم البلدان (١ / ٤٢٦ ـ ٤٢٨).
(٥) الرضاب : موضع الرصافة قبل بناء هاشم إياه. انظر : معجم البلدان (٣ / ٥٠).