حارثة وهو معلم بعصابة خضراء وهو يفرى فريا ، فطعن رجلا فقتله ، وطعن آخر فانكسر رمحه فاختلفا بسيفيهما ضربتين فقتل كل واحد منهما صاحبه ، فوقف عليه أخوه المثنى فقال : هكذا مصارع خياركم ، وقيل : إنه ارتث يومئذ فمات بعد فى أناس من الجرحى من أعلام المسلمين ماتوا كذلك ، منهم خالد بن هلال ، فصلى عليهم المثنى وقدمهم على الأسنان والقرآن ، وقال : والله إنه ليهون علىّ وجدى أن شهدوا البويب ، أقدموا وصبروا ، ولم يجزعوا ولم يتكلموا ، وإن كان فى الشهادة لكفارة لبحور الذنوب ، ولما ارتث مسعود بن حارثة يومئذ فتضعضع من معه رأى ذلك وهو دنف فقال : يا معشر كعب بن وائل ، ارفعوا رايتكم رفعكم الله ، لا يهولنكم مصرعى ، وقتل جرير وغالب بن عبد الله الليثى وحنظلة بن ربيعة الأسدي وعروة بن زيد الخيل كل واحد منهم عشرة.
وقال ربعى بن عامر ، وشهدها يومئذ مع أبيه : احصى مائة رجل من المسلمين قتل كل واحد منهم عشرة فى المعركة. وذكر أن غالبا وعروة وعرفجة فى الأزد كانوا من أصحاب التسعة ، فالله أعلم.
وقال يومئذ لعروة رجل من قومه ، ورآه يقدم : أهلكت قومك يا عروة ، فقال :
يا قوم لا تعنفونى قومى |
|
لا تكثروا عدلى ولا من لومى |
لا تعدونى النصر بعد اليوم |
وسمع رجل يومئذ من مهران يرتجز وهو يقول :
إن تسألوا عنى فإنى مهران |
|
أنا لمن أنكرنى ابن باذان |
فعجب من أن يتكلم بالعربية ، فقيل له : إنه ولد باليمن ، ويقال : إنه عربى نشأ مع أبيه باليمن ، وكان أبوه عاملا لكسرى.
وأبصر جرير بن عبد الله ، مهران يقاتل ، فحمل عليه جرير والمنذر بن حسان فقاتلاه ، طعنه المنذر فأداره عن دابته وقد وقذه فنزل إليه جرير فاحتز رأسه وتنازعا سلبه ثم أخذ جرير سلاحه ، وأخذ المنذر حليته وثيابه وبرذونه ، وقيل فى قتله غير هذا ، وهو مما حدثت به أم ولد لزيد بن صوحان أن زيدا أخرجها معه إلى العسكر حتى لقوا مهران صاحب كسرى ، فجعل الناس يحيدون عن مهران ، فقال زيد : ما شأن الناس يحيدون عن هذا؟ قيل : كرهوه ، فنزل زيد فمشى إليه فاختلفا ضربتين ، فأطن مهران يده ، فرجع فأخذ عمامتى فشقها ثم لفها على يده ثم عاوده فنسف ساقيه بالسيف فقتله ، فابتدر المسلمون