عمر قال : أين الهذلى؟ فقام ، فقال : ما يقول هذا؟ قال سعد : صدق ، قال : ارجع فخذه منهم ثم أقسمه.
وذكر عن عبد الله بن سليم وغيره ، قالوا : اجتمع الأساورة بحلوان عند يزدجرد ، فذكروا العرب ورثاثة سلاحهم وسوء عدتهم وظهورهم عليهم ، فتلاوموا وقالوا : أسلمنا ملكنا وما كنا فيه إلى عصابة لم تكن فى الأرض أمة أصغر أمرا عندنا منهم ، فقال بعضهم : لا تعجبوا من هذا ، فإنها دولة جاءت قوما ، ومدة انقضت عنكم ، وهذا أمر أراده الله ، والله لا يغلب. فقال رجل منهم : ارفعوا لى كرة ، فرفعوها فرماها بنشابات فلم يخطئها ، قال : هذا ما ترون من رمى ، ولقد رأيتنى مرة فى بستان أرمى الزنانير بجلاهق فما أخطأت بواحدة ، فقدم العرب فهربت واتبعنى رجل فرميته بخمس نشابات فما أصبته ، ودعا رجل بقوسه فرمى بنشابة فى حائط لبن فغيبها إلى قريب من الريش ، ثم اعترض ساقا من شجرة بسيف فاجتمه ، ثم قال : ترون رمى وضربى؟ قالوا : نعم ، قال : فإنى رميت رجلا ، يعنى من المسلمين ، ليس عليه سلاح ولا ثوب يقيه ، فأصبت بطنه فما خدشه ، ولقد ضربت رجلا حاسرا أصلع بسيفى هذا ، فخرج من رأسه شبه الدقيق ، وحدث بعض العجم قال : كنت فيمن انهزم عن العرب ، فإنى لأسير فى عشرة من الأساورة إذ انتهينا إلى نهر ورجل من العرب يسقى فرسه ، فلما رآنا شد حزام فرسه وألجمه وركبه وحمل علينا فولينا ، وانفردت من أصحابى دهشا وطمع فىّ فاتبعنى حتى صرت فى مؤخر النهر وفرسى أقوى من فرسه ، فزجرت فرسى ، فطغى بى النهر ، ووقف ينظر إلىّ لا يقدر على العبور ، فالتفت إليه ، فقال : أولى لك ، فلم أدر ما قال لى حتى سألت بعد وعلمت ، فما خرج رعب تلك الكلمة من قلبى.
وذكر بإسناد له إلى عبد الله بن معقل بن مقرن المزنى قال : اصطفى عمر من مال العجم أصنافا ، مال من هرب ومن قتل ، وكل مال لكسرى أو لأحد من أهل بيته ، وكل مسيل ماء ، وكل دير يريد ، فكان خراج ما اصطفى سبعة آلاف ألف حتى كان يوم دير الجماجم أحرق الديوان ، فأخذ كل قوم ما يليهم.
قال المدائنى : وكان المغنم بالمدائن والرومية قريبا من مغنم القادسية.
ومما قيل فى ذلك من الشعر قول أبى بجيد ، نافع بن الأسود التميمى يفخر بقومه :
بنو تميم عتاد الحرب قد علموا |
|
والناهضون إذا فرسانها ركبوا |
والحاملون إذا ما أزمة أزمت |
|
ثقل العشائر إن جمعوا وإن ندبوا |