فانفرجوا فما نهنه أحد عن باب الخندق ، وألبسهم الليل رواقه ، فأخذوا يمنة ويسرة ، ونادى منادى القعقاع : أين تحاجزون وأميركم فى الخندق فحمل المسلمون ، فأدخل الخندق ، فأتى فسطاطا فيه مرافق وثياب ، وإذا ترس على إنسان فأنبشه ، فإذا امرأة كالغزال فى حسن الشمس ، فأخذها وثيابها ، فاديت الثياب ، وطلبت الجارية حتى صارت إلىّ فاتخذتها أم ولد.
قالوا (١) : وأمر هاشم القعقاع بالطلب ، فطلبهم حتى بلغ خانقين ، وأدرك بها مهران فقتله ، وأدرك الفيرزان فنزل ، فتوقل فى الظراب وخلى فرسه ، وأصاب القعقاع سبايا ، فبعث بهن إلى هاشم ، فكن مما اقتسم ، واتخذن ، فولدن فى المسلمين ، فذلك السبى ينسب إلى جلولاء ، ومنه كانت أم الشعبى ، ويقال من القادسية.
ويروى أن عمر ، رضياللهعنه ، قال وقد بلغه ما أصيب من هؤلاء السبايا : اللهم إنى أعوذ بك من أبناء الجلوليات.
قالوا : ولما بلغت الهزيمة يزدجرد سار من حلوان نحو الجبل ، فنزل القعقاع بحلوان فى جند فلم يزل إلى أن تحول سعد بالناس من المدائن إلى الكوفة ، فلحق به.
قالوا : وكتبوا إلى عمر بفتح جلولاء وبنزول القعقاع حلوان ، واستأذنوه فى اتباعهم ، فأبى ، وقال : لوددت أن بين السواد والجبل سدا لا يخلصون إلينا ولا نخلص إليهم ، حسبنا من الريف السواد ، إنى آثرت سلامة المسلمين على الأنفال.
وساق المدائنى خبر جلولاء مساقا بينه وبين ما تقدم بعض اختلاف وأسنده عن جماعة سمى منهم ، قال : وبعضهم يزيد على بعض ، فسقت حديثهم : أن يزدجرد هرب إلى حلوان ، فلما فتح سعد الرومية كتب إلى عمر يستأذنه فى البعثة إلى ابن كسرى ، فكتب إليه : «الحمد لله الذي أذل ابن كسرى وشرده ، فأقم بمكانك واحذر على من معك من المسلمين» فأقام سعد بالمدائن سنتين لم يوجه أحدا ، وكتب ابن كسرى إلى الجبال فجمع المقاتلة فوجههم إلى جلولاء ، وأمر الأساورة والجنود فنزلوها ، فاجتمع بها جمع عظيم عليهم خرزادين خرمهر ، فكتب سعد إلى عمر بجمعهم ، فكتب إليه : أقم بمكانك ووجه إليهم جيشا ، فإن الله ناصرك ومتم وعده الذي وعد نبيه صلىاللهعليهوسلم فعقد سعد لهاشم بن عتبة وندب الناس ، فانتدب معه أربعة آلاف فيهم طليحة بن خويلد ، وعمرو ابن معدى كرب وفرسان المسلمين ، فسار.
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ٢٨).