وعاين عامر منهم عديدا |
|
ودهما مثل سائمة الجراد |
وخرج الوليد بن عقبة (١) حتى قدم على بنى تغلب وعرب الجزيرة ، فنهض معه مسلمهم وكافرهم إلا أياد بن نزار ، فإنهم ارتحلوا بكليتهم ، فاقتحموا أرض الروم ، فكتب الوليد بذلك إلى عمر بن الخطاب ، رضياللهعنه ، فكتب إلى ملك الروم : إنه بلغنى أن حيا من أحياء العرب ترك دارنا وأتى دارك ، فو الله لتخرجنه أو لننبذن إلى النصارى ، ثم لنخرجنهم إليك. فأخرجهم ملك الروم ، فتم منهم على الخروج أربعة آلاف ، وخنس بقيتهم ، فتفرقوا مما يلى الشام والجزيرة من بلاد الروم ، فكل أيادى فى أرض العرب من أولئك الأربعة آلاف ، وأبى الوليد أن يقبل من بنى تغلب إلا الإسلام ، وكتب فيهم إلى عمر ، فأجابه : إنما ذلك لجزيرة العرب لا يقبل منهم فيها إلا الإسلام ، فدعهم على أن لا ينصروا وليدا ، وأقبل منهم إذا أسلموا ، فقبل منهم على أن لا ينصروا وليدا ، ولا يمنعوا أحدا منهم من الإسلام ، وأبى بعضهم إلا الجزاء ، ورضى منهم بما رضى به من العباد وتنوخ.
وفى حديث عن أبى سيف التغلبى (٢) : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان عاهد وفد بنى تغلب على أن لا ينصروا وليدا ، فكان ذلك الشرط على الوفد وعلى من وفدهم ، ولم يكن على غيرهم ، فلما كان زمان عمر قال مسلموهم : لا تنفروهم بالخراج فيذهبوا ، ولكن أضعفوا عليهم الصدقة التي تأخذونها من أموالهم ، فإنهم يغضبون من ذلك الجزاء على أن لا ينصروا وليدا إذا أسلم آباؤهم ، فخرج وفدهم فى ذلك إلى عمر ، رحمهالله.
ولما بعث الوليد إليه برءوس النصارى وبديانيهم ، فأمرهم عمر بأداء الجزية ، قالوا له :أبلغنا مأمننا ، فو الله لئن وضعت علينا الجزاء لندخلن أرض الروم ، وو الله لتفضحنا من بين العرب ، فقال لهم : أنتم فضحتم أنفسكم ، وخالفتم أمتكم ، والله لتؤدنها وأنتم صغرة قمأة ، ولئن هربتم إلى الروم لأكتبن فيكم ، ثم لأسبينكم. قالوا : فخذ منا شيئا ولا تسميه جزاء ، فقال : أما نحن فنسميه الجزاء ، وسموه أنتم ما شئتم. فقال له على بن أبى طالب وأصغى إليه عمر : يا أمير المؤمنين ، ألم يضعف عليهم سعد بن مالك الصدقة؟ قال : بلى،
__________________
(١) انظر ترجمته فى : طبقات ابن سعد (٦ / ٢٤) ، الجرح والتعديل (٩ / ٨) ، تاريخ ابن عساكر (١٧ / ٤٣٤) ، تذهيب التهذيب (٤ / ١٣٨) ، البداية والنهاية (٨ / ٢١٤) ، العقد الثمين (٧ / ٣٩٨) ، تهذيب التهذيب (١١ / ١٤٢) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٥٤٧٥) ، الإصابة ترجمة رقم (٩١٦٧).
(٢) انظر : الطبرى (٤ / ٥٦).