بشير (١) يستبقان ليبايعا أبا بكر فسبقهما عمر فبايع ثم بايعا معا ، ووثب أهل السقيفة يبتدرون البيعة ، وسعد بن عبادة مضطجع يوعك ، فازدحم الناس على أبى بكر ، فقال رجل من الأنصار : اتقوا سعدا ، لا تطؤه فتقتلوه.
فقال عمر وهو مغضب : قتل الله سعدا ، فإنه صاحب فتنة. فلما فرغ أبو بكر من البيعة رجع إلى المسجد فقعد على المنبر فبايعه الناس حتى أمسى ، وشغلوا عن دفن رسول الله حتى آخر الليل من ليلة الثلاثاء مع الصبح.
وقال ابن أبى عزة القرشى الجمحى فى ذلك :
شكرا لمن هو بالثناء خليق |
|
ذهب اللجاج وبويع الصديق |
من بعد ما دحضت بسعد نعله |
|
ورجا رجاء دونه العيوق |
جاءت به الأنصار عاصب رأسه |
|
فأتاهم الصديق والفاروق |
وأبو عبيدة والذين إليهم |
|
نفس المؤمل للبقاء تتوق |
كنا نقول لها على والرضى |
|
عمر وأولادهم بتلك عتيق |
فدعت قريش باسمه فأجابها |
|
إن المنوه باسمه الموثوق |
وذكر وثيمة بن موسى بن الفرات أنه كان لأشراف قريش فيما كان من شأن الأنصار مقامات محمودة ، فمن ذلك أن خالد بن الوليد قام على أثر أبى بكر بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان خطيب قريش ، فقال :
أيها الناس ، إنا رمينا فى بدء هذا الدين بأمر ثقل علينا محمله وصعب علينا مرتقاه ، وكنا كأنا منه على أوفاز ، ثم والله ما لبثنا أن خف علينا ثقله ، وذللنا صعبه ، وعجبنا ممن شك فيه بعد عجبنا ممن آمن به ، حتى والله أمرنا بما كنا ننهى عنه ، ونهينا عن ما كنا نأمر به ، ولا والله ما سبقنا إليه بالعقول ، ولكنه التوفيق. ألا وإن الوحى لم ينقطع حتى أكمل ، ولم يذهب النبيّ صلىاللهعليهوسلم حتى أعذر ، فلسنا ننتظر بعد النبيّ نبيا ولا بعد الوحى وحيا ، ونحن اليوم أكثر منا بالأمس ، ونحن بالأمس خير منا اليوم ، من دخل فى هذا الدين كان من ثوابه على حسب عمله ، ومن تركه رددناه إليه ، إنه والله ما صاحب هذا الأمر
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الإصابة ترجمة رقم (٦٩٤) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٤٥٩) ، الثقات (٣ / ٣٣) ، تجريد أسماء الصحابة (١ / ٥٣) ، تهذيب التهذيب (١ / ٤٦٤) ، الطبقات (٩٤ ، ١٩٠) ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (١ / ١٣٠) ، الوافى بالوفيات (١٠ / ١٦٢) ، العبر (١ / ١٥ ، ١٦) ، البداية والنهاية (٦ / ٣٥٣) ، التاريخ الصغير (١ / ٧٣) ، تقريب التهذيب (١ / ١٠٣) ، التاريخ الكبير (٢ / ٩٨) ، الجرح والتعديل (٢ / ٣٧٤).