كانوا كتبوا إلى عمر ، رحمهالله ، باجتماعهم ، ففزع عمر واهتم لحربهم ، وتوقع ما يأتيه عنهم ، فلم يفجأه إلا البريد بالبشارة ، فقال : أبشير؟ فقال : بل عروة ، فلما ثنى عليه : أبشير؟ فهم عنه ما أراد ، فقال : بشير ، فقال عمر : رسول نعيم؟ قال : رسول نعيم ، قال : الخبر؟ قال : البشرى بالفتح والنصر ، وأخبره الخبر ، فحمد الله ، وأمر بالكتاب فقرئ على الناس ، فحمد الله تعالى ، ثم قدم عليه بالأخماس سماك بن مخرمة ، وسماك بن عبيد ، وسماك بن خرشة فى نفر من أهل الكوفة ، فنسبهم ، فانتسبوا له ، فقال : بارك الله فيكم ، اللهم أسمك بهم الإسلام وأيدهم بالإسلام ، ثم كتب إلى نعيم :
أما بعد ، فاستخلف على همذان وآمد بكير بن عبد الله بن سماك بن خرشة ، وسر حتى تقدم الرى فتلقى جمعهم ، ثم أقم بها ، فإنها أوسط تلك البلاد وأجمعها لما تريد.
فأقر نعيم يزيد بن قيس على همذان ، وسار بالناس من واج الروذ إلى الرى.
وقال نعيم يذكر قتالهم فى واج الروذ من أبيات :
صدمناهم فى واجروذ بجمعنا |
|
غداة رميناهم بإحدى القواصم |
فما صبروا فى حومة الموت ساعة |
|
لجد الرماح والسيوف الصوارم |
أصبنا بها موثا ومن لف جمعه |
|
وفيها نهاب قسمها غير عاتم |
تبعناهم حتى أووا فى شعابهم |
|
نقتلهم قتل الكلاب الحوائم |
كأنهم عند انثياب جموعهم |
|
جدار تشظى لبنه للهوادم |
وقال سماك بن مخرمة الأسدي بعد تلك الأيام (١) :
برزت لأهل القادسية معلما |
|
وما كل من يلقى الكريهة يعلم |
وقومى بنو عمرو بن نصر كأنهم |
|
أسود بتوج حين شبوا وأسلموا |
ويوم بأكناف النخيلة قبلها |
|
لججت فلم أبرح أدمى وأكلم |
وأقعص منهم فارسا بعد فارس |
|
وما كل من يغشى الكريهة يسلم |
فنجانى الله الأجل وجرأتى |
|
وسيف لأطراف المآرب مخذم |
وحولى بنو ذودان لا يبرحوننى |
|
إذا سرحت صاحوا بهم ثم صمموا |
وأيقنت يوم الديلميين أنه |
|
متى ينصرف قومى عن الناس يهزم |
محافظة إنى امرؤ ذو حفيظة |
|
إذا لم أجد مستأخرا أتقدم |
__________________
(١) انظر الأبيات فى : الطبرى (٤ / ١٤٩) ، البداية والنهاية لابن كثير (٧ / ١٢١).