ويدعون ، فإذا أنا برجل قد زحمنى من خلفى ، فنظرت ، فإذا على بن أبى طالب ، رضياللهعنه ، فقام فدعا له وترحم عليه ، ثم قال : والله ما أصبح أحد أحب إلىّ من أن ألقى الله بمثل صحيفته منك ، وإنى لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك ؛ لأنى كثيرا ما سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «خرجت أنا وأبو بكر وعمر» ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ، وفعلت أنا وأبو بكر وعمر» (١) ، فإنى أرجوا أن يجعلك الله مع صاحبيك.
وذكر عبد الله بن مسعود يوما عمر ، رضياللهعنه ، فهملت عيناه وهو قائم حتى بل الحصى ، ثم قال : إن عمر كان حائطا كثيفا يدخله المسلمون ولا يخرجون منه ، فلما مات عمر انثلم الحائط فهم يخرجون ولا يدخلون ، وما من أهل بيت من المسلمين لم تدخل عليهم مصيبة من موت عمر إلا أهل بيت سوء ، فإذا ذكر الصالحون فحىّ هلا بعمر.
وروى أنس ، عن أبى طلحة أنه قال : والله ما أهل بيت من المسلمين إلا وقد دخل عليهم لموت عمر ، رضياللهعنه ، نقص فى دينهم وفى دنياهم.
وعن أبى وائل قال : خرج حذيفة إلى المدائن وهم يذكرون الدجال ، فأخبرنا مسروق أنه سأله عن ذلك ، فقال : نجب تجيء من هاهنا تنعى عمر.
وعن حذيفة أيضا قال : كان الإسلام كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربا ، فلما قتل عمر ، رضياللهعنه ، كان كالرجل المدبر ، لا يزداد إلا بعدا.
وقالت عاتكة ابنة زيد بن عمرو بن نفيل ، امرأة عمر بن الخطاب ، رضياللهعنه ، ترثيه :
وفجعنى فيروز لا در دره |
|
بأبيض تال للكتاب منيب |
رءوف على الأدنى غليظ على العدا |
|
أخى ثقة فى النائبات نجيب |
متى ما يقل لا يكذب القول فعله |
|
سريع إلى الخيرات غير قطوب |
ومما ينسب إلى الشماخ بن ضرار ، وإلى أخيه مزرد بن ضرار أنه قال فى عرم بن الخطاب ، ويروى عن عائشة أن الجن بكت به على عمر ، رحمهالله ، قبل أن يقتل بثلاث ، وقد تقدم ذكر بعض هذا الشعر :
أبعد قتيل بالمدينة أظلمت |
|
له الأرض تهتز العضاة بأسوق |
جزى الله خيرا من إمام وباركت |
|
يد الله فى ذاك الأديم الممزق |
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح البخاري (٥ / ١٤).