ثم تثنوا بالذمة ، فتعطوهم الذي لهم ، وتأخذوهم بالذى عليهم ، ثم العدو الذي تنتابون ، فاستفتحوا عليهم بالوفاء.
قال (١) : وأول كتاب كتبه إلى أمراء الجنود فى الفروج :
أما بعد ، فإنكم حماة المسلمين وذادتهم ، وقد وضع لكم عمر ، رحمهالله ، ما لم يغب عنا ، بل كان عن ملأ منا ، فلا يبلغنى عن أحد منكم تغيير ولا تبديل فيغير الله بكم ويستبدل بكم غيركم ، فانظروا كيف تكونون؟ فإنى أنظر فيما ألزمنى الله النظر فيه والقيام عليه.
وكتب ، رحمهالله ، إلى عمال الخراج :
أما بعد ، فإن الله تعالى خلق الخلق بالحق ، ولا يقبل إلا الحق ، خذوا الحق وأعطوا الحق به ، والأمانة الأمانة ، قوموا عليها ، ولا تكونوا أول من سلبها ، فتكونوا شركاء من بعدكم إلى ما اكتسبتم ، والوفاء الوفاء ، لا تظلموا اليتيم ولا المعاهد ، فإن الله ورسوله خصم لمن ظلمهم.
وكان كتابه إلى العامة :
أما بعد ، فإنكم إنما بلغتم ما بلغتم بالاقتداء والإتباع ، فلا تلفتنكم الدنيا عن أمركم ، فإن أمر هذه الأمة صائر إلى الابتداع بعد اجتماع ثلاث فيكم : تكامل النعم ، وبلوغ أولادكم من السبايا ، وقراءة الأعراب والأعاجم القرآن ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «الكفر فى العجمة ، فإذا استعجم عليهم أمر تكلفوا وابتدعوا».
وزاد عثمان ، رضياللهعنه ، الناس فى أعطياتهم مائة مائة ، وهو أول خليفة زاد الناس فى العطاء ، وكان عمر ، رحمهالله ، يجعل لكل نفس منفوسة من أهل الفيء فى رمضان درهما فى كل يوم ، وفرض لأزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم درهمين درهمين ، فقيل له : لو وضعت لهم طعاما فجمعتهم عليه ، فقال : أشبع الناس فى بيوتهم ، فأقر عثمان الذي صنع عمر ، وزاد فوضع طعام رمضان للمتعبد الذي يبيت فى المسجد ولابن السبيل وللمثوبين بالناس فى رمضان.
وكان فى مدة خلافته ، رحمهالله ، فتوح عظام فى البر والبحر ، وهو أول من أغزى فيه ، وقد تقدم ذكر كثير من ذلك كإفريقية وغزوة ذات الصوارى فى البحر على يدى
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ٢٤٥).