لسنتين خلتا من إمارته ، فبدأ بنو كنارى وهم أخوال كسرى ، فأنثروا وألجئوا عبد الرحمن ابن سمرة وعماله إلى مروالروذ ، وثنى أهل مرو الشاهجان ، وثلث بنيزل فاستولى على بلخ ، وأرز من بها إلى مروالروذ وعليها ابن سمرة ، فكتب إلى عثمان بخلع أهل خراسان ، فأرسل إلى ابن عامر أن يسير فى جند البصرة ، فخرج ابن عامر فى الجنود حتى يدخل خراسان على الطبسين من قبل يزدجرد ، وبث الجنود فى كورها وأمرهم أن يطئوا فيهم ، ووطأ هو فى أهل هراة بعد ما وهنهم الجزاء ، وصالحوه ، ثم ثنى بنيسابور ففعلت فعل هراة ، ولقيت الكور من الجنود مثل ذلك ، فذلوا لهم ، واكتتب منهم أهل مرو الشاهجان وسائر خراسان ، وسار ابن عامر إلى نيزل فقتل تركه قتل الكلاب ، ولحق هو بترك بلاد الشام ، وسيأتى بعد هذه المجملات مفصلة بعد.
وذكر الطبرى (١) بإسناد له قال : غزا سعيد بن العاص ، وهو على الكوفة سنة ثلاثين يريد خراسان ، ومعه حذيفة بن اليمان وناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو وابن الزبير ، وخرج عبد الله ابن عامر من البصرة يريد خراسان ، فسبق سعيدا ونزل ابرشهر ، وبلغ ذلك سعيدا ، فنزل قرمس ، وهى صلح ، صالحهم حذيفة بعد نهاوند ، فأتى جرجان ، فصالحوه على مائتى ألف ، ثم أتى طميسة ، وهى كلها من طبرستان متاخمة لجرجان ، وهى مدينة على ساحل البحر ، فقاتله أهلها حتى صلى يومئذ صلاة الخوف ، وهم يقتتلون ، بعد أن سأل حذيفة فأخبره كيف صلاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وضرب يومئذ سعيد رجلا من المشركين على حيل عاتقه ، فخرج السيف من مرفقه ، وحاصرهم ، فطلبوا الأمان ، فأعطاهم على أن لا يقتل منهم رجلا واحدا ، ففتحوا الحصن ، فقتلهم جميعا إلا رجلا واحدا ، وحوى ما كان فى الحصن.
وذكر الطبرى (٢) من طريق آخر أن سعيد بن العاص صالح أهل جرجان ، ثم امتنعوا وكفروا ، فلم يأت جرجان بعد سعيد أحد ، ومنعوا ذلك الطريق ، فلم يكن يسلك طريق خراسان من ناحية قومس إلا على وجل وخوف من أهل جرجان ، وكان الطريق إلى خراسان من فارس إلى كرمان ، فأول من صير الطريق من قومس قتيبة بن مسلم حين ولى خراسان.
وعن بشر بن حنظلة العمى أن سعيد بن العاص صالح أهل جرجان ، فكانوا يجبون
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ٢٦٩ ، ٢٧٠).
(٢) انظر : الطبرى (٤ / ٢٧١).