فلما حصر قيل له ، ألا تقاتل؟ قال : لا إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلى عهدا فأنا صابر نفسى عليه.
وضايق الناس عثمان رضياللهعنه وانبسطوا عليه ، وآذوه ، وهو صابر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم راض بقضاء الله فيه ، آمر بكف الأسلحة والأيدى ، كل من انبعث لنصره ، واق للمؤمنين بنفسه.
حدث عبد الله بن ربيعة أنهم كانوا معه فى الدار ، فلما سمع أنهم يريدون قتله قال : ما أعلم أنه يحل دم المؤمن إلا الكفر بعد الإيمان ، والزنا بعد الإحصان ، أو قتل نفس بغير حق ، وأيم الله ، ما زنيت فى جاهلية ولا إسلام ، وما ازددت للإسلام إلا حبا ، ولا قتلت نفسا بغير حق ، فعلام تقتلوننى؟ ثم عزم علينا أن نكف أيدينا وأسلحتنا ، وقال : إن أعظمكم غناء أكفكم ليده وسلاحه.
وقال أبو هريرة لأهل الدار وهو معهم فيها : أشهد لسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «تكون بعدى فتن وأمور» ، قلنا : فأين الملتجأ منها يا رسول الله؟ قال : «إلى الأمين وحزبه» ، وأشار إلى عثمان. فقام الناس فقالوا : قد أمكنتنا البصائر ، فإذن لنا فى الجهاد ، فقال عثمان : أعزم على من كانت لى عليه طاعة أن لا يقاتل.
ومما ينسب إلى كعب بن مالك يذكر هذه الحال من عثمان بعد قتله رضياللهعنه وقال مصعب : هى لحسان ، وقال ابن أبى شبة : هى للوليد بن عقبة :
فكف يديه ثم أغلق بابه |
|
وأيقن أن الله ليس بغافل |
وقال لأهل الدار لا تقتلونهم |
|
عفا الله عن ذنب امرئ لم يقاتل |
فكيف رأيت الله ألقى عليهم ال |
|
عداوة والبغضاء بعد التواصل |
وكيف رأيت الخير أدبر بعده |
|
عن الناس إدبار السحاب الحوامل |
وقال ابن عمر لبعض من وقع عنده فى عثمان : أما والله ما تعلم عثمان قتل نفسا بغير حق ، ولا جاء من الكبائر شيئا ، ولكن هو هذا المال إن أعطاكموه رضيتم ، وإن أعطاه ذوى قرابته سخطتم ، إنما تريدون أن تكونوا كفارس والروم ، ولا يتركون أميرا إلا قتلوه ، وفاضت عيناه من الدمع ، وقال : اللهم إنا لا نريد ذلك.
وحسب عثمان ، رضياللهعنه ، من الفضل العظيم ، والحظ الجسيم ، إلى ما له فى الإسلام من الآثار الكرام والنفقات التي بيضت وجه النبيّ عليهالسلام قوله صلوات الله عليه : أنت وليي فى الدنيا والآخرة.