عفو عن الزلات يقبل عذرهم |
|
وإن يحسنوا فالله بالخير أجود |
وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله |
|
فمن عنده تيسير ما يتشدد |
فبينا هم من نعمة الله وسطهم |
|
دليل به نهج الطريق يقصد |
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى |
|
حريص على أن يستقيموا ويهتدوا |
عطوف عليهم لا يثنى جناحه |
|
إلى كتف يحنو عليهم ويمهد (٧) |
فبينا هم فى ذلك النور إذ غدا |
|
إلى نورهم سهم من الموت مقصد |
فأصبح محمودا إلى الله راجعا |
|
يبكيه جن المرسلات ويحمد |
وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعها |
|
لغيبة ما كانت من الوحى تعهد |
قفارا سوى معمورة اللحد ضافها |
|
فقيد نبكيه بلاط وغرقد |
ومسجده فالموحشات لفقده |
|
خلاء له فيها مقام ومقعد |
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت |
|
ديار وعرصات وربع ومولد |
فبكى رسول الله يا عين عبرة |
|
ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد |
ومالك لا تبكين ذا النعمة التي |
|
على الناس منها سابغ يتغمد |
فجودى عليه بالدموع وأعولى |
|
لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد |
وما فقد الماضون مثل محمد |
|
ولا مثله حتى القيامة يفقد |
أعف وأوفى ذمة بعد ذمة |
|
وأقرب منه نائلا لا ينكد |
وأبذل منه للطريف وتالدا |
|
إذا ضن معطاء بما كان يتلد (٨) |
وأكرم صيتا فى البيوت إذا انتهى |
|
وأكرم جدا أبطحيا يسود (٩) |
وأمنع ذروات وأثبت فى العلا |
|
دعائم عز شاهقات تشيد |
وأثبت فرعا فى الفروع ومنبتا |
|
وعودا غذاه المزن فالعود أغيد |
رباه وليدا فاستتم تمامه |
|
على أكرم الخيرات رب ممجد |
تناهت وصاة المسلمين بكفه |
|
فلا العلم محبوس ولا الرأى يفند |
أقول ولا يلقى لما قلت عائب |
|
من الناس إلا عازب العقل مبعد (١٠) |
وليس هواى نازعا عن ثنائه |
|
لعلى به فى جنة الخلد أخلد |
__________________
(٧) الكنف : أى الجانب والناحية.
(٨) الطريف : المال المستحدث. والتالد : المال القديم الموروث. وضن : أى بخل. ويتلد : أى يكتسب قديما.
(٩) الصيت : أى الذكر الحسن. والأبطحى : المنسوب إلى أبطح مكة ، وهو موضع سهل متسع.
(١٠) عازب العقل : بعيد العقل غائبه.