وليس الأمر كما ظنوا فيما احتجوا به.
أما دويهية فإن الشاعر أراد بها الصغر ، وأن حتف الإنسان قد يكون بصغير الأمر الذي لا يأبه له ولا يترقب ، وأما فوق (جبيل) سامق الرأس ، فإنما أراد دقيق الرأس وإن كان طويلا فصغره لدقته ، وأنه إذا كان كذلك فهو أشد لصعوده. وأما (أخي) و (صدّيقي) فإنما يراد به لطف المنزلة ، واللطيف من المنازل في الصداقة والأخوة ، إنما يمدح فيه أنه يصل بلطافة ما بينهما إلى ما لا يصل إليه العظيم فهو من باب التصغير والتلطف لا من باب التعظيم.
قال سيبويه : اعلم أن التصغير إنما هو في الكلام على ثلاثة أمثلة على (فعيل) و (فعيعل) و (فعيعيل) ، فأما (فعيل) فهو تصغير كل ما كان على ثلاثة أحرف من أي بناء كان كقولك : (فلس) و (فليس) ، و (جمل) ، و (جميل) و (قفل) و (قفيل) ، وكذلك سائر الأبنية الثلاثية.
وأما (فعيعل) فهو تصغير كل بناء كان على أربعة أحرف من أي بناء كقولك في (جعفر) : (جعيفر) ، وفي (مطرف) : (مطيرف) ، وفي غلام : (غليّم) ، وفي سيطر : (سييطر) ، وفي علبط : (عليبط) ولا يختلف في ذلك شيء مما هو على أربعة أحرف.
وأما (فعيعيل) فهو على وجهين ، أحدهما أن يكون تصغير شيء على خمسة أحرف ، والرابع منها واو أو ألف أو ياء ، فالواو قولك : (صندوق) و (صنيديق) ، و (قربوس) و (قريبيس) ، و (كردوس) و (كريديس) والألف قولك : (مصباح) و (مصيبيح) ، و (كرباس) و (كريبيس) ، وأما الياء ف (قنديل) و (قنيديل) ولا تبالي اختلاف الأبنية في ذلك.
والوجه الثاني أن تصغر شيئا على خمسة أحرف وليس رابعها واوا ولا ياء ولا ألفا فتحتاج أن تحذف منها حرفا فتصغره كما تصغر ما كان على أربعة أحرف ثم تعوض من المحذوف ياء كقولك في تصغير : (سفرجل) (سفيرج) ، وفي (فرزدق) (فريزد) ، وإن شئت قلت : (سفيريج) و (فريزيد) فتعوض.
قال أبو سعيد : ما ذكره سيبويه في أصل الباب : أن التصغير في الباب على ثلاثة أمثلة ، (فعيل) ، و (فعيعل) ، و (فعيعيل) ، ولو ضم إلى هذا وجها رابعا لكان يشتمل على التصغير كله ، وذلك (أفيععال) ، نحو قولنا : (أجمال) و (أجيمال) ، و (أنعام) ، و (أنيعام)