وتقول في تصغير (فل) من قول أبي النجم :
في لجّة أمسك فلانا عن فل (١)
(فلين) لأن الذاهب منها نون وأصله (فلان) فخفف عنه.
ولو حقرت : (رب) اسم رجل قلت : (ربيب) ؛ لأنه مخفف من (ربّ) ، وكذلك (بخ) (٢) المخففة تقول : (بخيخ) وأصله التشديد.
قال العجاج :
في حسب بخّ وعزّ أقعسا (٣)
فردّ (بخ) المخففة إلى أصله في التشديد.
كما قال :
فهي تنوش الحوض نوشا من علا (٤)
وإنما المستعمل من (عل) ومن (عل) فرده إلى أصله ؛ لأن أصله (علو) فقلبت الواو ألفا لانفتاح ما قبلها.
قال سيبويه : وأظن (قط) كذلك.
يعني (قط) المخففة التي في معنى (حسب) إذا سميت بها رجلا ، ثم صغرت قلت : (قطيط) فترد طاء أخرى ؛ لأنك تعني به انقطاع الأمر.
والقط : قطع فكأنها من التضعيف. وتقول في تصغير (فم) : (فويه) ؛ لأنك تقول في جمعه (أفواه) وأصله (فوه) والهاء ذاهبة كما ذهبت من (شفه) وأبدلت الواو ميما ؛ لأنها من مخرجها ، فلما جمعوه وصغروه ردوه إلى الأصل ، كما قالوا في جمع (ماء) : (أمواه) و (مياه) ، وفي تصغيره : (مويه) ؛ لأن الهمزة في (ماء) منقلبة من هاء فأصله (موه).
ولو صغرت" ذه" من قولنا : (هذه) المرأة وقد جعلته هاهنا اسما لامرأة لقلت : (ذييّه) ؛ لأن هذه الهاء بدل من ياء ، يقال (ذي) في معنى (ذه) ، و (هذي) في معنى (هذه) ، والهاء بدل وأصله ياء ، ألا ترى أنّا نقول في تصغير (ذا) للمذكر (ذيّا) ولا هاء فيه.
__________________
(١) البيت من شواهد سيبويه : ٣ / ٤٥٢ ، والمقتضب : ٢ / ٢٣٨ ، والخزانة : ٢ / ٣٨٩.
(٢) كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء ، وتكرر للمبالغة.
(٣) انظر المقتضب : ١ / ٢٣٤ ، وابن يعيش : ٤ / ٧٨ ، وآمالي الشجري : ١ / ٣٩.
(٤) انظر الخزانة : ٤ / ٢٢٥ ـ ٢٦١ ، والكتاب : ٣ / ٤٥٢.