والذي يقول : أنبياء شبّهه بجمع (فعيل) إذا كان اسما كقولك : (نصيب) و (أنصباء) وقد أحكمنا هذا في الجمع ، واستدل سيبويه على أن الأصل الهمز أنه :
" ليس من العرب أحد إلا ويقول : تنبّأ مسيلمة"
وذكر أن الذين تركوا الهمز في النّبيّ إذا صغروا أو جمعوا تركوا الهمز فقالوا في الجمع : (أنبياء) ، وفي التصغير كان (مسيلمة) نبيّ سوء وأصله (نبيّي) بثلاث ياءات فتسقط الأخيرة.
وإذا صغرت النّبوّة وأصلها (النّبوءة) ردوا الهمزة فقالوا : كان مسيلمة (نبوّته) (نبيّئة) سوء.
وإنما همز ؛ لأنه لم يكثر الكلام بها بصغره ، فردوها إلى الأصل ؛ لأن التخفيف في الموضع الذي خففوه ، وهذه العلة توجب أن ترد الهمزة في التصغير إذا قلنا : كان مسيلمة (نبيء سوء) ، إلا أن يكون سمع العرب تفصل بينهما فاتبع ذلك.
قال : " وأما الشّاء فإن العرب تقول فيه : (شويّ) وفي (شاة) : (شويهة) والقول فيه أن (شاء) من بنات الياءات والواوات".
قال أبو سعيد : لا خلاف أن قولنا (شاة) أصله (شاهة) وتصغيرها (شويهة) وجمعها (شياه) والهاء الأصلية هي لام الفعل واختلفوا في (شاء) وهو الجمع ، فمذهب سيبويه أن (الشاء) ليس من لفظ (شاه) وأنه اسم للجمع وأصله (شوي) أو (شوو) قلبت عين الفعل منه ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وقلبت لام الفعل منه همزة ؛ لأنها طرف وقبلها ألف ، وهذا شاذ ؛ لأنه أعل العين واللام جميعا ، واستدل على ذلك أن العرب تقول أيضا لجمع (الشاة) (شويّ) ولام الفعل في (شويّ) ياء ثم احتج بأن الجمع قد يجيء على غير الواحد لقولهم (امرأة) و (نسوة) ، والنسوة ليست من لفظ (امرأة) و (رجل) و (نفر). و (قيراط) و (دينار) تقول فيه في التصغير والجمع : (قريريط) و (دنينير) ، و (قراريط) و (دنانير) ولم تستعمل في التصغير والجمع لفظ الواحد ، وكذلك الديباج فيمن قال : (دبابيج) و (الديماس) فيمن قال : (دماميس) واحتج أيضا أنهم جمعوا (سواء) على (سواسية) وليس في الواحد سينان.
وقال أبو العباس المبرد : أما الشاء فهو بمنزلة (الماء) والهمزة فيه بدل من الهاء ، وهو جمع (شاة) بإسقاط هاء التأنيث ، كما قالوا (تمرة) و (تمر) و (شعيرة) و (شعير) ، وذلك أن (شاة) أصلها (شاهة) فحذفوا الهاء الأصلية استثقالا للهاءين فلما جمعوه أسقطوا هاء التأنيث فردوا الهاء الأصلية فصار (شاه) ويوقف عليه (شاه) ، فتلتبس بالواحدة التي