كقولك : (والله لأضربن زيدا) ولا يجوز (والله لأضرب زيدا).
إنما لزمته النون ، لئلا يتوهم إنها اللام التي في خبر إن لغير قسم فيزول اللبس بدخول النون تقول : (إن زيدا ليقوم ، ولينطلق) فيكون قيامه وانطلاقه يجوز أن يكون للحال ، ويجوز أن يكون للمستقبل بمنزلة الفعل الذي لا لام فيه ، كقولك : (زيد يقوم ، وينطلق) وقد يدخل بعد هذه (اللام) عليه (السين وسوف) كما تدخل على ما لا (لام) فيه كقولك : (إن زيدا لسوف يقوم ولسيقوم) ، فإذا قلت : (إن زيدا ليقومن ولينطلقن) كان هذا جوابا لليمين ولم يكن إلا للمستقبل. لا يجوز أن تقول : (إن زيدا لينطلقن الآن) كما جاز أن تقول : (إن زيدا لينطلق الآن) فكان دخول النون لازما مع اللام للفصل.
وأما ما يجوز دخول النون فيه للتوكيد وخروجها عنه فالأمر والنهي والاستفهام كقولك : (اضربن زيدا) و (أضربن زيدا) و (لا تضربن زيدا) و (لا تضربن زيدا) ، و (هل تضربن زيدا) ، و (هل تضربن زيدا) وإن شئت لم تدخلها في شيء من ذلك.
وأما ما لا تدخل فيه النون إلا في ضرورة فالخبر.
قال سيبويه : ويجوز للمضطر : (أنت تفعلن ذاك).
شبهوه بما بعد الاستفهام وبجواب اليمين وكان الفعل فيه مرفوعا مثله في الاستفهام واليمين وأنشد قول جذيمة بن الأبرش ، وقد ذكرناه في الباب.
ومما جاء فيه النون في كتاب الله عزوجل : (وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)(١) ، (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً)(٢) ، والخفيفة منها (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً)(٣) خفيفة ، وقوله : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ* ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ)(٤)
وقال الأعشى :
فإيّاك والأنصاب لا تقربنّها |
|
ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا (٥) |
فلا تقربنها نون ثقيلة ، وفاعبدا نون خفيفة وقف عليها بالألف. وقال زهير :
__________________
(١) سورة يونس ، الآية : ٨٩.
(٢) سورة الكهف ، الآية ٢٣.
(٣) سورة يوسف ، الآية : ٣٢.
(٤) سورة العلق ، الآيتان : ١٥ ، ١٦.
(٥) البيت في ديوان الأعشى ١٠٣ ، وروايته :
وذا النصب المنصوب لا تنسكه |
|
ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا |