قال الشاعر :
ففرّجت كرب النّفس عني بحلفة |
|
كقدّك عن متن الجواد جلالها (١) |
أراد : جلّها وهو واحد.
قال : " وأما ما كان منه من بنات الياء والواو فإنه لا يجاوز به أدنى العدد كراهية هذه الياء مع الضمة والكسرة لو ثقلوا والياء مع الضمة لو خففوا وذلك قولهم : (رشاء) و (أرشية) و (سقاء) و (أسقية) و (رداء) و (أردية) ، و (إناء) و (آنية) و (كساء) و (أكسية).
وإنما قال من بنات الياء والواو ، لأن هذه الهمزات منقلبات من الياء والواو لأن قولك" كساء" أصله" كساو" والدليل على ذلك قولهم : (كسوت) ، و (الكسوة) والهمزة في" سقاء" بدل من الياء ، والأصل" سقاى" ، فلو جمعوا ذلك على مثل (حمار) و (حمر) للزمهم أن يقولوا : " سقى" و (كسى).
وذلك أن" فعلا" من هذا الباب إذا أتى به على أصله وجب أن يكون آخره واو لانضمام ما قبلها فيقال (كسوّ) و (سقوّ) ثم تقلب الواو ياء لأنه لا يقع في الأسماء واو قبلها ضمة كما قالوا في (أدلو) " أدل". فلما كان الجمع الكثير الذي هو (فعل) يؤديهم إلى هذا التغيير تجنبوه ، فإن قيل : فإذا خفف لم يؤد إلى هذا الاجتماع ، قيل له إن الذي يخفف إنما يخففه عن المثقل وقد عرفتك ما يلزم المثقل من التغيير.
قال : وأما ما كان منه من بنات الواو التي الواوات فيهن عينات ، فإنك إذا أردت بناء أدنى العدد كسرته على (أفعلة) وذلك قولك (خوان) و (أخونة) و (رواق) و (أروقة) و (بوان) و (أبونة) ، فإذا أردت بناء أكثر العدد لم تثقل وجاء على (فعل) كلغة بني تميم في الخمر وذلك (خون) و (روق) و (بون) ، والبوان عمود الخيمة ، وإنما خففوا كراهية الضمة.
يعني لو قالوا : (خوّن) و (روق) لثقل فخفّفوا وكذلك قالوا (رجل عزول) و (قوم قول) ولم يضموا الواو ، والأصل الضم كقولهم (صبور) و (صبر) ، وإذا اضمر الشاعر جاز له أن يضم.
قال عدي بن زيد :
قد حان أنّ تصحو أوان تقصر |
|
وقد أتى لما عهدت عصر |
__________________
(١) البيت من الطويل والشاهد فيه (جلالها) حيث جاء في البيت مرادا به الجل فهو واحد وليس بجمع.