وعلى قول عيسى بن عمر ما كان أوسطه ساكن وهو على ثلاثة أحرف جاز فيه الصرف وترك الصرف كهند.
فعلى مذهب سيبويه تقول : هذه خلف ، و (فوق) ، و (ثم) و (قط) و (أين) ، وجئته (من خلف) و (من تحت) و (من فوق) وذلك أنها معارف ومؤنثات.
وإن جعلنا هذه الأشياء حروفا ، وقد سميناها بهذه الأسماء المذكرة التي ذكرناها فإنها مصروفة ؛ لأن كل واحد منها مذكر سمي بمذكره.
وأما قدام ، ووراء فسواء جعلناهما اسمين لكلمتين ، أو لحرفين ، فإنهما ينصرفان ؛ لأنهما مؤنثان في أنفسهما ، وهما على أكثر من ثلاثة أحرف. فإن جعلناهما اسمين لمذكرين أو لمؤنثين لم ينصرفا وصارا بمنزلة (عناف) و (عقرب) إذا سمينا بهما رجلين أو امرأتين لم ينصرفا.
وما كان من ذلك مبينا فلك أن تدعه على لفظه ولا تنقله إلى الإعراب كقولك : (ليت غير نافعة) و (لو غير مجدية) وإذا جعلتهما اسما للكلمتين تضم (ليت) و (لو) بغير تنوين وتشدد الواو ولا تصرفه على مذهب سيبويه. وعلى مذهب عيسى بن عمر تقول : ليت ولوّ وليت ولوّ منونة وغير منونة ، وإن قلت (ليت) و (لوّ) غير نافعتين وقد جعلتهما للحرفين صرفتهما بإجماع ، وذكّرت فقلت : غير نافعين.
وتقول : إن الله ينهاكم عن (قيل) و (قال). ومنهم من يقول عن" قيل" و" قال" لمّا جعله اسما.
وأنشد سيبويه :
أصبح الدهر وقد ألوى بهم |
|
غير تقوالك من قيل وقال (١) |
والقوافي مجرورة. وقد أنكر المبرد احتجاج سيبويه بجر القوافي على خفض" قيل" ، فذكر أنه يجوز أن تكون ألفا فيه موقوفة وتكون اللام من" قيل" مفتوحة فتقول" من قيل وقال".
وقد رد الزجاج عليه ذلك ، فقال : لا يجوز الخبن في" فاعلان" فإذا قلنا : (قيل وقال) وجعلنا اللام موقوفة فقد صار" فعلان" مكان" فاعلان" وإذا أطلقناها صار
__________________
(١) البيت منسوب لتميم بن مقبل في الكتاب ٣ / ٢٦٨ ، والمخصص ١٧ / ٥٦.