الرسالة وقال الشاعر :
فلست لإنسىّ ولكن لملأك |
|
تنزل من جوّ السّماء يصوب (١) |
وكان حقه أن يجمع على (ملآئك) كما تقول (مصنع) و (مصانع) ولكن أكدوا تأنيثه بالهاء ، ويجوز أن يكون قدّروا فيه النسبة إلى هذا الجنس.
وأما قولهم (أناسية) في جمع (إنسان) ففيه وجهان (أحدهما) أن يجعلوا الهاء عوضا من إحدى ياءى (أناسي) كما قال عزوجل : (وَأَناسِيَّ كَثِيراً)(٢) وأصله (أناسين) وتكون الياء الأولى من الياءين منقلبة من الألف التي بعد السين ، والثانية منقلبة من النون كما تنقلب النون منها إذا نسبت إلى (صنعاء) و (بهراء) فقلت : (صنعانيّ) و (بهرانيّ).
والوجه الثاني أن تحذف الألف والنون في إنسان تقديرا ويؤتى بالياء التي تكون في تصغيره إذا قالوا (أنيسيان) وكأنهم ردوا في الجمع الياء التي يردونها في التصغير فيصير (أناسي) ويدخلون الهاء لتحقيق التأنيث.
وقال أبو العباس المبرد : (أناسية) جمع" إنسّي" والهاء عوض من الياء المحذوفة لأنه كان يجب" أناسيّ" وقالوا : (الدّياسم) و (المعاول) وهو من المنسوب الواحد (ديسميّ) و" معوليّ" وهم من قبائل العرب (المعاول) من الأزد من الجهاضم والنسبة إليهم (معوليّ) ، وبعض العامة يقول (معولي) والصواب الفتح وفي المحدثين رجل ينسب إليهم فأتوا به على غير تعويض كما يقال في (قلنسوة) (قلانس) بغير تعويض وفي (سفرجل) (سفارج) وجوز أيضا فيه وجه آخر وهو أن يجعل جمعا غير منسوب وذلك أن العرب قد تطلق لفظ الأب على كل واحد من الحي كأنه مسمى باسم الأب الأكبر فيقولون الأشعرون في معنى (الأشعريّين) كأن كل واحد منهم (أشعر) وقد قال بعض أهل العلم في قول الله عزوجل : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)(٣) إنه في معنى (ال ياسيّن) الذين اتبعوا إلياس فسمى كل واحد منهم (إلياس) وجمعهم.
وقد روى بعض الرواة :
قدني من نصر الخبيبين قدي
__________________
(١) البيت مذكور في لسان العرب (ألك) وهو من بحر الطويل.
(٢) سورة الفرقان ، الآية : ٤٩.
(٣) سورة الصافات ، الآية : ١٣٠.