ليست لغيرها.
قال أبو سعيد : اعلم أن حروف الحلق لمّا أثرت في يفعل إذا كان واحد منها في موضع عين الفعل أو لامه ، وكان الفعل الماضي على فعل فجوزت أن يصير على يفعل ما حقه أن يأتي على يفعل أو يفعل على ما مضى من شرحه قبل هذا الباب ، فجعلت هذه الحروف في فعل وفعيل مجوزه تغيير ذلك وإن كان التغييران مختلفين ، وذلك أن في يفعل أن يفتح ما ليس حقه الفتح ، وفي هذا أن يكسر ما ليس حقه الكسر ، لأن الفاء في فعل وفعيل في الأصل مفتوحة ، وإنما جاز كسرها في فعل وفعيل من أجل حرف الحلق ، فقال سيبويه : " لم تفتح هي أنفسها" يعني حروف الحلق في فعيل ، لأنها لو فتحت أنفسها لوجب أن تقول : فعيل ، فتقول في بخيل : بخيل ، وفي شهيد ، شهيد ، كما قلنا يشحب ، وفتحناه لأنه ليس في الكلام فعيل ، ولو قلنا شهيد ، لكان بناء خارجا عن الكلام. وإذا قلنا يشحب ففتحناه من أجل حرف الحلق بقي الكلام له نظير كقولنا : يعمل ويفرق.
ولو فتحت أنفسها في فعيل لخرجت إلى فعل ، فكان يبطل أن يوجد فعل مما حرف الحلق ثانيه ، وكان أيضا يقع لبس بين ما أصله فعل وبين ما أصله فعل ، وكسر الأول إتباعا للثاني ، ولأن الكسر قريب من الفتح والياء تشبه الألف ، وأتبعوا الأول في الكسر الثاني كما يتبعون الأول الثاني في الإدغام. وأهل الحجاز لا يغيرون البناء ، لا يقولون في شهيد بألا يفتح الأول ، وكذلك في شهد. ومن قال شهد فخفف قال : شهد ، ومن قال شهد قال : شهد. وعامة العرب قالوا في نعم وبئس بكسر الأول ، كأنهم اتفقوا على لغة بني تميم ، ثم أسكنوا الثاني. وإذا كان البناء على فعل أو فعول لم يغيّروا ، وإن كان الثاني من حروف الحلق ، كقولهم : رؤف ورؤوف ولا يقولون : رؤوف ولا رؤف استثقالا للضمتين ولبعد الواو من الألف.
" كما أنك تقول : " من مثلك" فتجعل النون ميما ، ولا تقول : هل مثلك" فتجعل اللام ميما" لأن النون لها بالميم شبه ليس للام ، وسترى ذلك في باب الإدغام إن شاء الله تعالى".
قال : " وسمعت بعض العرب يقول : بيس فلا يحقق الهمزة ، كما قالوا : شهد فخففوا وتركوا السين على الأصل"
يريد أن الهمزة قد يترك تحقيقها ولا يتغيّر كسر الأول ، وكذلك شهد إنما كسرت الشين لكسرة الهاء في الأصل ، ولما سكنت الهاء لم يغيّر كسر الشين ، لأن النية كسر الهاء