ويتّقي وتق الله في الأمر هي تاء افتعل ، وهي زائدة. واختلفوا في تاء تقى. وكان أبو العباس المبرد يقول هي زائدة ، ووزن تقى تعل ، وكان الزجاج يقول هي منقلبة من واو وقى ، وهي فعل ، مثل قولهم : تكأة وتخمة ، والأصل وكأة ووخمة ، ولا يقال يتقي في المستقبل بتسكين التاء ، لأن الأصل ما ذكرته ، ولو كان يجوز التسكين لقيل في الأمر : اتق ، كما يقال في يرمي : ارم ، قال الشاعر :
تقوه أيّها الفتيان إني |
|
رأيت الله قد غلب الجدودا (١) |
وقال آخر :
يتقي به نفيان كلّ عشيّة |
|
فالمساء فوق متونه يتصبّب (٢) |
وقال آخر :
جلاها الصيقلون فأخلصوها |
|
فجاءت كلّها يتقي بأثر |
ومثل هذا يتخذ على معنى يتّخذ ، فحذفوا التاء الأولى ، كما حذفوا من يتقي.
وقالوا في معنى الماضي : تخذ ، فكان الزجاج يقول : أصل تخذ اتّخذ ، وليس الأمر عندي كما قال ، لأنه لو كان اتّخذ ، وحذفت التاء منه لوجب أن يقال تنخذ ، وليس أحد يقول تخذ بفتح الخاء ، وحكى أبو زيد تخذ يتخذ تخذا. وفيما قرأته على ابن أبي الأزهر عن بندار :
ولا تكثرا تخذ العشار فإنّها |
|
تريد مباءات فسيحا فناؤها (٣) |
وإنما أراد سيبويه إنهم قالوا في المستقبل : يتقي ، وإن كان الماضي تقى ، لأن أصل تقى اتّقى ، فردوه إلى أصل اتّقى ، فقالوا : يتقي تخفيفا عن يتّقي ، وقد مضى ذلك.
قال سيبويه : وأما فعل فإنه لا يضم منه ما كسر من فعل ، لأن الضم أثقل عندهم ، فكرهوا الضمتين ولم يخافوا التباس معنيين ، فعمدوا إلى الأخف"
يريد أنهم لم يقولوا في مستقبل" فعل"" يفعل" على ما توجبه ضمة الماضي ،
__________________
(١) سبق تخريجه : انظر المخصص ١٤ / ٢١٩.
(٢) قائله ساعدة بن جؤبة الهذلي انظر ديوان الهذليين ١ / ١٦٩ ، والشاهد فيه (يتقي) بفتح التاء مع التخفيف في موضع (يتّقي) وهو ماضي (تقى).
(٣) الشاهد في قوله (تخذ) بسكون الخاء حيث جاء به مصدرا للفعل (تخذ) ، انظر المخصص ١٤ / ٢١٩.