" وأما بنات الواو فأمالوا ألفها لغلبة الياء على هذه اللام ولأن هذه اللام هي واو ، وإذا جاوزت ثلاثة أحرف قلبت ياء ، والياء لا تقلب على هذه الصفة واوا ، فأميلت لتمكّن الياء في بنات الواو ، ألا تراهم يقولون" معدي ومسنية والقنى والعصي" ، ولا تفعل هذا الواو بالياء ، فأمالوها لما ذكرت لك والياء أخف عليهم من الواو فنحوا نحوها.
يعني في قولهم العشا والمكا ، وهو جحر الضّب وأصله من الواو ، لأنه يقال : امرأة عشواء ، ويقال : مكا ومكوان ، وإنما أمالوا هذا وإن كان من الواو لما ذكر سيبويه من غلبة الياء على الواو ، وغلبتها أنها تنقلب إذا جاوزت ثلاثة أحرف ، ولأنها تقلب في غير ذلك إلى الياء وهو قولهم" معدي" وأصله" معدو" وأرض مسنيّة في معنى مسنوّة ، أي مسقية يقال : " سنوت الأرض سقيتها" ، و" القنى والعصي" أصلها القنوّ والعصوّ لأنه يقال : قناة وقنوات وعصا وعصوان. قال سيبويه :
" والإمالة في الفعل لا تنكسر إذا قلت غزا وصفا ودعا ، وإنما كان في الفعل مستتبا لأن الفعل لا يثبت على هذه الحال ، ألا ترى أنك تقول : غزا ثم تقول : غزي فتدخله الياء وتغلب عليه وعدة الحروف على حالها ، وتقول : أغزوا ، فإذا قلت : أفعل قلت : أغزى قلبت وعدة الحروف على حالها ، فآخر الحروف أضعف لتغيّره ، وتخرج إلى الياء تقول : لأغرينّ ، ولا يكون ذلك في الأسماء"
والأسماء التي لا يميلونها من هذا النحو نحو قفا وعصا والقنا ، ولا يمتنعون من إمالة شيء من الأفعال لما ذكره سيبويه من قلبها إلى الياء في تصاريف الفعل.
" فصارت الألف أضعف في الفعل لما يلزمها من التغيير. وإذا بلغت الأسماء أربعة أحرف أو جاوزت من بنات الواو فالإمالة مستتبّة لأنها قد خرجت إلى الياء ، وجميع هذا لا يميله ناس كثير من بني تميم وغيرهم".
قال : ومما يميلون ألفه كل اسم كانت في آخره ألف زائدة للتأنيث أو لغير ذلك لأنها بمنزلة ما هو من بنات الياء ، ألا ترى أنك لو قلت في معزى وفي حبلى فعلت على عدّة الحروف لم يجئ واحد من الحرفين إلا من بنات الياء ، وكذلك كل شيء كان مثلهما مما يصير في تثنية أو فعل ياء ، فلما كانت في حروف لا تكون من بنات الواو أبدا صارت عندهم بمنزلة ألف رمي ونحوها"
يريد أن ألف حبلى ومعزى تمال ، لأنها تنقلب ياء لو صرّفنا منها الفعل فقلنا :