قال أبو سعيد : اعلم أن الذي أوجب بناء خمسة عشر تضمنها معنى الواو ؛ لأنك إذا قلت : عندي خمسة عشر دينارا فمعناه خمسة وعشرة فبنيت لتضمن معنى الواو ، وكذلك أكثر المبنيات تجري مجرى الحروف ؛ لأن الحروف مبنية ، وأما حادي عشر ، وثالث عشر فإنما أصلها ثالث ثلاثة عشر كما يقال : ثالث ثلاثة ، ومعناه أحد ثلاثة عشر ، ثم خففوه لطوله فحذفوا ثلاثة ، وأقاموا ثالث مقامها ففتحوه كما كانت ثلاثة مفتوحة ، وكذلك حادي عشر أصله حادي أحد عشر ، وحذفوا أحد وأقاموا حادي مقامة ففتحوه.
وكان الزجاج يقول في هذا قولا يستحسن.
قال : لو قلنا : خمسة وعشرة لوقع اللبس في بعض المواقع حتى لا يكون في معنى خمسة عشر ، ولا يقع اللبس في خمسة عشر ، وموضع اللبس أن يقول الإنسان لآخر : قد أعطيتك بهذا الثوب خمسة وعشرة ولم تبع ، ومعناه أعطيتك بهذا الثوب مرة خمسة فلم تبع ومرة عشرة فلم تبع".
ومعنى قوله : " فلما خولف به عن أخواته : يعني خولف بخمسة عشر في طرح الواو عن خمسة وعشرين ولم يجر على القياس ، وجعل" كأولاء" في البناء إذ كان موافقا له في أنه مبهم.
وسيبويه يجري كثيرا على المبنيات لفظ الإبهام كهذا وما أشبهه لإشارة بنائه إلى كل شيء ، وكذلك خمسة عشر ؛ لأنه عدد لكل شيء.
ومعنى قوله : والنون لا تدخله كما تدخل غاق. يعني لا ينون خمسة عشر كما ينون" غاق" وذلك أن" غاق" تنوينه علامة للتنكير. وإذا كان معرفة قلت : غاق ، وقد مضى الكلام فيه وفي نحوه.
وخمسة عشر بني في حال التنكير لتضمنه معنى الواو.
قال : ونحو هذا في كلامهم : حيص بيص ، وفيه لغات ، قد ذكرتها في باب المبنيات. قال أمية بن أبي عائذ :
قد كنت خرّاجا ولوجا صيرفا |
|
لم تلتحصني حيص بيص لحاص (١) |
__________________
(١) البيت في ديوان الهذليين ٢ / ١٩٢ ، والكتاب ٣ / ٢٩٨ ، وابن يعيش ٤ / ١١٥ ، واللسان (حيص) ، والخزانة ٢ / ٤٣٥.