قال سيبويه : وبعضهم يقول في بيت جرير :
لقيتم بالجزيرة خيل قبس |
|
فقلتم مارسرجس لا قتالا (١) |
أنشده على قول من يضيف الأول إلى الثاني ، ومن لا يضيف يقول : مارسرجس لا قتالا ؛ لأنه كاسم واحد لما ناداه.
قال : " وأما معد يكرب ففيه لغات ، منهم من يقول : معد يكرب ، فيضيف ومنهم من يقول : معد يكرب فيضيف ولا يصرف بجعل" كرب" اسما مؤنثا ، ومنهم من يقول : معد يكرب ، كما يقول : حضر موت غير أن الياء في معد يكرب مسكنة"
وعلى قياس ما حكاه سيبويه في معد يكرب إذا أضاف ، ولم يصرف كرب ، لأنه مؤنث يجوز أن يقال ـ إن صحت الرواية في" ذي يزن" أن لا يصرف ـ لا يصرف" يزن" ؛ لأنه اسم مؤنث.
قال أبو سعيد : وقد كنت حكيت أن الجرمي لا يصرف" يزن" بجعله بمنزلة يسع ويزن من الفعل.
وإذا نكرت الاسمين اللذين بمنزلة اسم واحد صرفت كقولك : مررت بحضر موت وحضر موت آخر ، وهذا معد يكرب ومعدي كرب آخر ؛ لأن الذي كان يمنع الصرف التعريف وجعل الاسمين اسما واحدا ، فإذا نكرت زال إحدى العلتين وليس ذلك بمنزلة أحمر ومساجد ومفاتيح. وما فيه ألف التأنيث كحبلى ، وما أشبهها مما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة ، وقد مضى تفسير ذلك.
قال : " وأما خمسة عشر وأخواتها ، وحادي عشر وأخواتها فهما شيئان جعلا شيئا واحدا ، وإنما أصل خمسة عشر خمسة وعشرة ، ولكنهم جعلوه بمنزلة حرف واحد ، وأصل حادي عشر أن يكون مضافا كثالث ثلاثة ، فلما خولف به عن حال أخواته ، مما يكون للعدد خولف به ، وجعل كأولاء ، إذ كان موافقا له في أنه مبهم يقع على كل شيء ، فلما اجتمع فيه هذان أجري مجراه ، وجعل كغير المتمكن ، والنون لا تدخله كما تدخل غاق ؛ لأنها مخالفة لها ولضربها في البناء ، فلم يكونوا لينونوا ؛ لأنها زائدة ضمت إلى الأول فلم يجمعوا عليه هذا والتنوين".
__________________
(١) البيت في الكتاب ٣ / ٢٩٦ ، والمقتضب ٤ / ٢٣ ، وابن يعيش ١ / ٦٥ ، واللسان (سرجس).