سكون ما قبلها اضطر إلى تحريكها وزال أيضا عنه ثقل الحركة في الياء والواو.
ولو سميت رجلا ب (يفزو) لوجب أن تقول : يفز ، وهو منون على قول سيبويه والخليل في الرفع والجر. وفى قول يونس : هذا يفزي بسكون الياء ، ومررت بيفزي. وقد مضى الكلام في نحوه. وكذلك لو صغرنا" أعمى" وجب أن تقول : أعيم ومررت بأعيم ورأيت أعيمي في قول الخليل وسيبويه ولا تصرفه في النصب ؛ لأنه مثل أحيمر وكذلك تقول : مررت بأعيم منك إذا أردت التنكير ، كما تقول : مررت بخير منك ، ولا يمنع منك من تنوين" أعيم" ، كما لم يمنع من خير ، وقد تقدم قول يونس فيما كان من ذلك معرفة.
ومن أقوى الدليل على بطلان قوله عزوجل : (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ)(١) بالتنوين.
وقال الخليل : لو قلنا مررت بجواري في حال المعرفة للزمنا أن نقول : مررت بجواري في النكرة ؛ لأن هذا البناء يستوي فيه المعرفة والنكرة في الصحيح وأنشد سيبويه قول الهذلي :
أبيت على معاري فاخرات |
|
بهن ملوّب قدم العياط (٢) |
على أنه اضطر إلى تحريك الياء في" معاري" فإن قال قائل ليس فيه ضرورة ؛ لأن الشاعر لو قال :
" على معار فاخرات" لاستوى البيت فهو من الوافر فإن حرك الياء. صار مفاعلتن وإن حذفها ونون فهو" مفاعلن" والجميع جائز.
فالجواب أن الضرورة فيه أن الشاعر كره الزحاف ، فرد الكلمة إلى أصلها ، وجعل الياء كالصحيح ، كما قال :
لا بارك الله في الغواني هل |
|
يصبحن إلّا لهنّ مطلب (٣) |
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ٤١.
(٢) البيت في الكتاب ٢ / ٥٨ ، ديوان الهذليين : ٢ / ٢٠ ، والخصائص : ١ / ٣٣٤ ، ٣ / ٦١ ، واللسان :
(عرا).
(٣) المقتضب : ١ / ١٤٢ ، ٣ / ٣٥٤ ، والخصائص : ١ / ٣٦٢ ، ٢ / ٣٤٧ ، وأمالي ابن الشجري : ٢ / ٢٢٦ ، شرح شواهد المغني : ٢١١.