ولا دليل غيره ، الا أنه يحتاج إلى جرأة انتهى ملخصا.
أقول : لا يخفى أن ما ذكره هنا وكرره من توقف القول ـ بعد وجود الدليل عليه على قائل بذلك من المتقدمين ـ ضعيف واه ، بل أوهن من بيت العنكبوت وأنه لأوهن البيوت ، إذ لا يخفى على الخائض في الفن والمتدبر لما وقع للأصحاب سيما المتأخرين من الاختلاف ، وكثرة الأقوال في المسائل الشرعية أنهم لم يجروا على هذه القاعدة التي ذكرها.
وتوضيح ذلك هو أنه لا يخفى أن أول من فتح هذا الباب من التفريع في الأحكام وكثرة الأقوال هو الشيخ والمرتضى (رضى الله عنهما) ، وقد نقل بعض الأصحاب انحصار الفتوى في زمن الشيخ وبرهة من الزمان بعده فيه (قدسسره) ولم يبق الا حاك عنه وناقل حتى انتهت النوبة الى ابن إدريس ، ففتح باب الطعن على الشيخ ، ثم انتشر الخلاف في المسائل الشرعية ، وتعددت الأقوال فيها على ما هي عليه الآن ، حتى أنك لا تجد حكما من الأحكام الا وقد تعددت فيه أقوالهم بل من الواحد منهم في كتبه الا الشاذ النادر منها ولو أنهم اتفقوا على كلام الشيخ والمرتضى اللذين هما أول من فتح هذا الباب لما اتسعت الدائرة الى هذا التعدد في الأقوال الموجودة الان ، فكيف استجاز هذا المحقق المنع من الفتوى بما قام عليه الدليل ، لعدم قائل به من المتقدمين ، مع أن من تقدمه من المتأخرين لم يلتزموا به ، ولم يقفوا عليه ،
ولله در شيخنا الشهيد الثاني (طيب الله مرقده) حيث قال في المسالك في مسئلة «ما لو أوصى له بأبيه فقبل الوصية» ، بعد الطعن في الإجماع ونعم ما قال : وبهذا يظهر جواز مخالفة الفقيه المتأخر لغيره من المتقدمين في كثير من المسائل. التي ادعوا فيه الإجماع ، إذا قام الدليل على ما يقتضي خلافهم ، وقد اتفق ذلك لهم كثيرا ، ولكن زلة المتقدم متسامحة بين الناس دون المتأخر انتهى وهو جيد رشيق كما لا يخفى على من نظر بعين التحقيق.