انتهى.
وقال شيخنا الشهيد الثاني (نور الله تعالى مرقده) في المسالك بعد أن ذكر الاجتهاد في طلبه : فان آيس منه قال الشيخ «رحمة الله عليه» : يتصدق عنه ، وتبعه عليه جماعة من الأصحاب وتوقف المصنف هنا ، والعلامة في كثير من كتبه لعدم النص على الصدقة ومن ثم ذهب ابن إدريس الى عدم جوازها ، لأنها تصرف في مال الغير غير مأذون فيه شرعا ، ولا شبهة في جوازه ، انما الكلام في تعينه ، ووجه الصدقة أنها إحسان محض بالنسبة إلى المالك ، لأنه ان ظهر ضمن له عوضها أن لم يرض بها ، والا فالصدقة أنفع له من بقائها المعرض لتلفها بغير تفريط ، المؤدي إلى سقوط حقه ، وقد قال الله تعالى (١) «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ».
خصوصا ورود الأمر بالصدقة في نظائره كثيرة ، وحينئذ فالعمل بهذا القول أجود ، خصوصا مع تعذر قبض الحاكم لها ، أما معه فهو أحوط ، وحيث يمكن مراجعته فهو اولى من الصدقة بغير اذنه ، وان كان جائزا لأنه أبصر بمواقعها ومصرفها انتهى.
أقول : هذه جملة من كلماتهم في المقام أطلنا بنقلها لتحيط خبرا بالأقوال في المسألة والتعليلات التي اعتمدوها أدلة لما صار كل منهم اليه ، وظاهرهم بل صريح عبارة المسالك عدم وجود نص في المسألة ، مع أن النصوص موجودة ، وان كانت لا تخلو عن تناف بحسب الظاهر.
والذي وقفت عليه منها ما تقدم من صحيح زرارة (٢) «الدال على أنه لا جناح عليه بعد أن يعلم الله منه أن نيته الأداء».
قال العلامة في التذكرة بعد نقله أنه يدل من حيث المفهوم على منع التصدق ووجوب الطلب دائما : ولا يخفى ما فيه لان الطلب مع اليأس وعدم إمكان الوجدان عبث لا يحسن أن يأمر به عليهالسلام فيمكن حمله على عدم اليأس ، والأظهر عندي أن الغرض
__________________
(١) سورة التوبة الآية ـ ٩١.
(٢) التهذيب ج ٦ ص ١٨٨.