الأصحاب من عدم النص على ذلك غفلة عن الوقوف عليه وعلى أمثاله.
وما رواه في الكافي والتهذيب عن الهيثم ابن أبى روح صاحب الخان (١). قال : «كتبت الى عبد صالح عليهالسلام أنى أتقبل الفنادق فينزل عندي الرجل فيموت فجأة ولا أعرفه ولا أعرف بلاده ، ولا ورثته فيبقى المال عندي كيف أصنع به؟ ولمن ذلك المال؟ فقال : اتركه على حاله». وظاهر هذا الخبر بقاؤه أمانة عنده حتى يظهر له طالب.
وعن هشام بن سالم (٢) قال : «سأل «خطاب الأعور» أبا إبراهيم عليهالسلام وأنا جالس ، فقال : انه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالأجر ففقدناه ، وبقي من أجره شيء ولا نعرف له وارثا قال : فاطلبوه قال : قد طلبناه ولم نجده ، فقال : مساكين وحرك يديه ، قال : فأعاد عليه قال : اطلب واجهد فإن قدرت عليه ، والا هو كسبيل مالك حتى يجيء له طالب ، فان حدث بك حدث فأوص به ان جاء له أن يدفع اليه».
قال المحدث الكاشاني : في ذيل هذا الحديث «مساكين» يعنى أنتم مساكين حيث ابتليتم بهذا ، أو حيث لم تعرفوا أنه لمن هو فإنه للإمام عليهالسلام ، فكأنه عليهالسلام ، لم ير المصلحة في الإفصاح بذلك ، ويؤيد هذا المعنى ما يأتي في باب من مات وليس له وارث ، أو فقد وارثه من كتاب الجنائز من الاخبار ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله «مساكين» يدفع الى المساكين أو رأيك أن تدفع الى المساكين على سبيل الاخبار أو الاستفهام كما يدل عليه الخبران الإتيان انتهى.
أقول : الظاهر عندي بعد ما ذكره من الاحتمالين ، فان عجز الخبر ينادى بصريحه أنه بعد مراجعة السائل أمره أنه يكون عنده في ذمته حتى يجيء طالبه ، وهو أحد الوجوه في المسألة كما سيأتي إيضاحه إنشاء الله تعالى ، وحينئذ فالمراد بقوله مساكين انما هو الترحم لهم لأجل ابتلائهم بذلك كما هو المعنى الأول الذي ذكره.
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ١٥٤ التهذيب ج ٩ ص ٣٨٩.
(٢) التهذيب ج ٩ ص ٣٨٩ وفيه (حفص الأعور).