ولان تتبع مصارف الأموال عسير.
أقول : قد سبق البحث في هذه المسألة في كتاب الزكاة من كتب العبادات وأوضحنا ثمة ان الرواية لا دلالة فيها على ما ادعوه ، من أنه لو جهل حال إنفاقه لم يدفع له من سهم الغارمين ، فليرجع اليه من أراد تحقيق الحال.
فروع : الأول والثاني مما فرعوه على وجوب أداء الدين مع الحول وطلب صاحب وإمكان دفعه حبسه ، كما تقدم ، وبطلان صلاته ما لم يتضيق الوقت ، قال في التذكرة إذا ثبت هذا فلو أصر على الالتواء كان فاسقا لا تقبل شهادته ، ولا تصح صلاته في أول الوقت ، بل إذا تضيق ، ولا يصح شيء من الواجبات الموسعة المنافية للقضاء في أول وقتها ، وكذا غير الدين من الحقوق الواجبة كالزكاة والخمس ، وان لم يطالب به الحاكم ، لأن أربابها في العادة يطالبون ، وأيضا الحق ليس لشخص معين حتى يتوقف على الطلب.
أقول لا يخفى أن ما ذكروه هنا مبنى على ثبوت أن الأمر بالشيء يستلزم النهى عن ضده الخاص ، وهو مما لم يقم عليه دليل شرعي ان لم تكن الأدلة قائمة على عدمه ، وقد تقدم الكلام في ذلك في مواضع من كتب العبادات ، وبالعدم صرح جملة من المحققين ، منهم شيخنا الشهيد الثاني عطر الله مرقده.
الثالث ـ الظاهر من جملة الاخبار أنه لو مات المديون ولم يتمكن من القضاء أو تمكن ولكن لم يطالب بالحق ، سواء خلف ما يقضى به عنه أو لم يخلف ، وسواء قضى عنه أو لم يقض ، والحال أن عزمه ونيته كانت على القضاء في جميع هذه الصور وكان مصرف الدين الذي عليه في الأمور المباحة ، فإنه لا يؤاخذ ولا يعاقب وأما مع عدم شيء من هذه القيود ، فالظاهر الإثم والمؤاخذة والملخص أنه في جميع ما ذكرنا أولا لا يجب الأداء ، وعليه ترتب عدم المؤاخذة.
ومما يدل على ما قلناه رواية عبد الغفار الجازي (١) المتقدمة في صدر هذا المقصد
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٩٩ التهذيب ج ٦ ص ١٩١.