قال الشيخ بعد نقل الخبر المذكور : المعنى فيه أن يكون سبب هلاكها أو سبب إباق الغلام شيئا من جهة المرتهن ، فاما إذا لم يكن كذلك فلا يلزمه شيء ، وكان حكمه حكم الموت سواء انتهى.
واحتمل بعض مشايخنا المحدثين من متأخري المتأخرين حمل الأخبار الأخيرة على التقية ، قال : فقد روى العامة عن الشعبي وشريح والحسن (١) ذهبت الرهانة بما فيها ويدل عليه خبر أبان أيضا انتهى.
أقول نقل العلامة في التذكرة القول بما عليه الأصحاب عن عطاء ، والزهري ، والأوزاعي والشافعي ، وأبى ثور وأحمد وابن المنذر ، ونقل عن شريح والنخعي والحسن البصري ، أن الرهن يضمن بجميع الدين ، وان كان أكثر من قيمته ، ونقل عن الثوري وأصحاب الرأي أنه يضمنه المرتهن بأقل الأمرين من قيمته أو قدر الدين ، فان كانت قيمته أقل سقط بتلفه من الدين قدر قيمته ، والا سقط الدين ، فلا يضمن الزيادة انتهى.
وأنت خبير بان ثبوت التقية انما يتم على قول شريح ومن معه ، وهو أشد الأقوال الثلاثة فإن ظاهر المشهور عندهم موافق لما عليه الأصحاب ، وقول أبي حنيفة وأتباعه وهم المشار إليهم بأصحاب الرأي لا ينطبق عليه الاخبار المذكورة ، لأنها دلت على أن المرتهن يضمن الزيادة لو كان الرهن أكثر ، وهم ينفون ذلك ، والحمل على التقية باعتبار هؤلاء الثلاثة بعيد.
الا أنه ربما يمكن تأييده بما تقدم في موثقة إسحاق بن عمار من قوله ، قال : «قلت : أن الناس يقولون : ان رهنت العبد فمرض أو أنفقا عينه فأصابه نقصان في جسده ينقص من مال الرجل بقد ما ينقص من العبد».
ويؤيده أن جل الاختلاف في الاخبار انما نشأ من التقية ، ولا ينافيه التفصيل الذي دلت عليه مرسلة أبان المتقدمة ونحوها ، فإنه يجوز أن يكون الحكم الشرعي هو التفصيل الذي دلت عليه ، وان كان إطلاق هذه الاخبار انما خرج مخرج التقية.
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٣٩.